قصة داوود - الجزء 21
قصة
داوود – الجزء
الحادي
والعشرون
من
هو داوود؟ الجزء 21
كانت
النتائج المفتراة في نهاية الجزء العشرين على النحو التالي:
نتيجة مفتراة
1: الله يفعل ولا يعمل
نتيجة مفتراة
2: الإنسان يفعل ويعمل
نتيجة مفتراة
3: الذات تفعل
نتيجة مفتراة
4: النفس تعمل
نتيجة مفتراة
5: الشيطان يعمل
نتيجة مفتراة
6: الشيطان يزين للنفس ما تعمل
نتيجة مفتراة
7: الذنوب من الأفعال
نتيجة مفتراة
8: السيئات من الأعمال
نتيجة مفتراة
9: الذنوب تغفر
نتيجة مفتراة 10:
السيئات تكفر (بالعفو والتجاوز)
وكان ذلك في
محاولة منّا للتفريق بين الفعل من جهة والعمل من جهة أخرى. فجلبنا السياقات
القرآنية التي يرد فيها الجذران (ف-ع- ل) و (ع- م- ل)، وحاولنا جلب انتباه القارئ
لبعض الملاحظات التي يتوجب ألا يغفل عنها عند المرور بتلك السياقات القرآنية. وسنتابع
في هذا الجزء مناقشة القضية ذاتها بالتركيز على سياقات محددة من أجل متابعة محاولة
التفريق أكثر بين المفردتين (الفعل مقابل العمل). وسنبدأ بالآية الكريمة التالية
التي نظن أنها ستكون واحدة من مفاتيح فك الاشتباك بين المفردتين، قال تعالى:
أَلَمْ
تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ
صَافَّاتٍ ۖ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا
يَفْعَلُونَ (24:41)
إن أبسط ما
يمكن أن نستبطه من هذا السياق القرآني هو أن صلاة الطير وتسبيحه هي عبارة عن أفعال
(وليست أعمال). فالله – حسب منطوق الآية ذاتها – يعلم ما تفعل الطير
(وليس ما تعمل الطير). ليكون السؤال الآن هو: لماذا تقع صلاة الطير وتسبيحه في
نطاق الأفعال (وليس الأعمال)؟
رأينا
المفترى: نحن نظن أن السبب في ذلك يعود إلى أن الطير لا تملك خيارا آخر، فهي
مفطورة على الصلاة والتسبيح على هذه الشاكلة. فالطير لا تملك إلا أن تنفذ ما هي مأمورة
به مادام أنها (نحن نظن) لا تحمل في عنقها نفسًا يمكن أن يكون للشيطان سلطان
عليها.
نتيجة مفتراة:
نحن نفتري الظن بأنه ليس للطير نفس منقسمة بين الخير والشر (كما هي حال الإنسان
مثلا)، فلا يصبح للشيطان عليها سلطان ليحثها على
السوء. لذا يقع كل ما تقوم به في باب الأفعال. ولو راقبنا السياق القرآني
التالي:
اصْبِرْ
عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ
(38:17) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ
(38:18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً ۖ كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (38:19)
لوجدنا بأن
الطير محشورة. فهل تستطيع أن تتخلف عن ذلك الحشر؟
رأينا المفترى:
نحن نظن أن الطير محشورة، فهي إذا لا تستطيع إلا أن تستجيب. فأبسط معاني الحشر هو
الحضور الاجباري، فيوم الحشر هو اليوم الذي جمع فيه الناس، فلم يغادر منهم أحدا:
وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً
وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (18:47)
فيصبح ما تقوم
به تلك الطير في باب "الفعل". وهذا هو سلوك الدواب والملائكة أيضا، فهم
جميعا يفعلون ما يؤمرون:
وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (16:49) يَخَافُونَ
رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ
۩ (16:50)
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ
وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا
أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (66:6)
نتيجة مفتراة:
ما دمت أنك مأمور بتنفيذ أمر ما، ولا تملك إلا أن تقوم به، فإن الأمر يقع في باب
الفعل.
ولو بحثنا عن
الأحداث التي كان فيها أمر قد صدر، لوجدناها تقع في باب الأفعال، كما في قصة ذبح
البقرة مثلا، فالأمر قد جاءهم بفعل ذلك:
وَإِذْ
قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ۖ قَالُوا
أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ۖ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ
(2:67) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ ۚ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ
إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَٰلِكَ ۖ فَافْعَلُوا
مَا تُؤْمَرُونَ (2:68)
وأصبح لا مناص
أمامهم إلا أن يذبحوها:
قَالَ
إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ
مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا ۚ قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ۚ فَذَبَحُوهَا
وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (2:71)
*** *** ***
لكن، لو
راقبنا - بالمقابل - سلوك الجن كما تبينه الأيات الكريمة في سياق الحديث قصة
سليمان، سنجد بأن خيار عدم الطاعة (أي أن يزغ أحدهم عن الأمر) كان مسألة ممكنة:
وَلِسُلَيْمَانَ
الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ
ۖ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَنْ
يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (34:12)
فأصبح ما تقوم
به الجن يقع في باب العمل. راقب الآية الكريمة السابقة في سياقها الأوسع:
وَلِسُلَيْمَانَ
الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ
ۖ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَنْ
يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (34:12) يَعْمَلُونَ
لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ
رَاسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ
(34:13)
نتيجة مفتراة
من عند أنفسنا: عندما تقوم بأمر ما، ويكون لك فيه خيار، فلك أن تقوم به ولك ألا
تقوم به، يصبح ذلك واقعا في باب العمل.
ولو راقبنا
السياقات التالية، لوجدنا بأن ما يقومون به بعد الأمر الذي جاءهم يحمل معنى
التخيير:
وَقَالَتِ
الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ
اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ
كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (9:30)
اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ
وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا
وَاحِدًا ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (9:31)
وَمَا
تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ
الْبَيِّنَةُ (98:4) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ
لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ
وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (98:5)
لكن هل كان
ذلك أمرا ملزما لهم؟ أي هل انصاعوا للأمر كما انصاعت الطير أو كما أنصاعت الدواب
والملائكة؟
وهذا إبليس
يؤمر بالسجود، فلا يلتزم بالأمر:
وَلَقَدْ
خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا
لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (7:11) قَالَ
مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ
خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (7:12)
نتيجة مفتراة:
عندما يصدر لك أمر، تصبح أنت أمام واحد من خيارين: إما أن تنصاع للأمر أو أن لا
تنصاع. فإن أنت كنت تنصاع دائما للأمر (كما الطير أو الدواب أو الملائكة)، تستطيع
أن تتصرف بناء على إرادة حرة من عندك، وهنا تقع تصرفاتك تحت مسمى العمل. فنجد عندها
صيغة العمل قد جائت مصاحبة للمشيئة:
إِنَّ
الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ۗ أَفَمَنْ
يُلْقَىٰ فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ اعْمَلُوا
مَا شِئْتُمْ ۖ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (41:40)
ولا نجد مثل
هذه الصيغة مع الفعل، فليس هناك في كتاب الله نصا مثل "افعلوا ما شئتم"،
ولكننا نجد صيغة الفعل مصاحبة للأمر:
قَالُوا
ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ ۚ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا
بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَٰلِكَ ۖ فَافْعَلُوا مَا
تُؤْمَرُونَ (2:68)
إذا، ما نقوم
به نحن البشر ينقسم إلى قسمين رئيسيين:
-
هناك ما لا خيار لنا
به (فعل)، ويصبح القيام به من باب الإلزام
-
هناك ما لنا خيار به
(عمل)، ويصبح ما نقوم به من باب الاختيار
ولو دققنا في
الأمر أكثر، لوجدنا بأن الأعمال (التي لنا فيها خيار) تصدر عن كينونتين اثنتين،
وهما:
1. النفس:
يَوْمَ
تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ
سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ
اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (3:30)
يَوْمَ
تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ
وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (16:111)
وَوُفِّيَتْ
كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (39:70)
2. الأيدي
لِيَأْكُلُوا
مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ ۖ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (36:35)
أَوَلَمْ
يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ
لَهَا مَالِكُونَ (36:71)
ولو حاولنا
ربط هذه الفكرة بقصة داوود، سنضطر أن نجلب السياق التالي الخاص بداوود:
اصْبِرْ
عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ ۖ إِنَّهُ
أَوَّابٌ (38:17)
فداوود هو ذو
الأيدي، لذا كان يستطيع أن يعمل. فكان آل داوود ممن يعملون شكرا:
يَعْمَلُونَ
لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ
رَاسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ
(34:13)
ولما كان هناك
احتمالية الخيار في العمل، فيمكن أن يكون عملا صالحا، ويمكن أن يكون عملا سيئا، جاء
التوجيه الإلهي لداوود على النحو التالي:
يَا
دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ
وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ
عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ
(38:26)
نتيجة مهمة
جدا: العمل يتوجب وجود الاختيار للقيام به.
نتيجة مهمة
جدا: العمل يمكن أن يدخل فيه اتباع هوى النفس
وَأَمَّا
مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ (79:40)
وهنا يبرز
السؤال التالي: هل عنصر الاختيار متوافر في الفعل (كما هو متوافر في العمل)؟
رأينا
المفترى: نحن نفتري الظن بأن عنصر الاختيار غير متوافر في الفعل (كما هو متوافر في
العمل)، وبالتالي فإن الفعل ينطوي على وجود الضرورة. فأنت تفعل شيئا ما لأن ذلك من
باب الضرورة، وذلك لأن عدم القيام به يترتب عليه عواقب أشد ضررا من القيام به حتى
وإن كان فعلا لا يقع في باب الخير.
الدليل
لو عدنا إلى
الملاحظة الخاصة بالذات الإلهية، والتي مفادها بأن ما يصدر عن الله يقع في باب
الفعل، كما جاء في السياقات القرآنية التالية:
تِلْكَ
الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۘ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ ۖ
وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ۚ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ
وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ۗ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ
مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَٰكِنِ اخْتَلَفُوا
فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا
اقْتَتَلُوا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (2:253)
قَالَ
رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي
عَاقِرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (3:40)
مَا
يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ
ۚ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (4:147)
لَوْ
كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ
الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (21:22) لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ
يُسْأَلُونَ (21:23)
إِنَّ
اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي
مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (22:14)
أَلَمْ
تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ
وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ
وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ۗ وَمَنْ يُهِنِ
اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ۩
(22:18)
أَلَمْ
تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (89:6)
أَلَمْ
تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ
(105:1)
فَإِنَّهُمْ
يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (37:33) إِنَّا كَذَٰلِكَ نَفْعَلُ
بِالْمُجْرِمِينَ (37:34)
أَلَمْ
نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (77:16) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (77:17) كَذَٰلِكَ
نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (77:18)
فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا
حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ
وَالطَّيْرَ ۚ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79)
يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ
لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا
كُنَّا فَاعِلِينَ (104)
لأصبح لزاما
علينا أن نطرح السؤال التالي: لماذا ما يصدر عن الذات الإلهية هو فعل؟ فهل الله
مضطر للقيام بذلك؟ وهل الله مجبر على ذلك؟ فهل تنوي أن تقول – ربما يسأل صاحبنا
مستغربا- بأن الله لا خيار له؟
رأينا المفترى: بداية،
نحن نظن بأن كل ما يصدر من عند الله هو فعل، ونظن بأن السبب في ذلك هو توافر عامل الضرورة
التي لا مناص منها. فالله يفعل لأن هذا مما يتوجب القيام به. فمادام أنه فعل، فقد أصبح
(نحن نظن) لزاما حدوثه.
وهنا قد يستشيط
البعض غضبا لأنه قد يظن – مخطئا- بأن الله لا خيار عنده (بمعنى غياب الإرادة)،
وهذا ليس صحيحا إطلاقا، وهو ما لا نقصده أبدا. لذا، ما نود أن يكون واضحا من هذا
النقاش (قبل المضي قدما فيه) هو أنه إذا صدر فعل من الله، فإن ذلك كان لزما حدوثه:
قُلْ
مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ۖ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ
يَكُونُ لِزَامًا (25:77)
وذلك لأن هناك
ما استوجب أن يجعل ذلك الأمر حتمي الحدوث على أرض الواقع، فلا مناص إذًا إلا أن
يتحقق. ولتبسيط الفكرة، دعنا نقدم المثال التالي: لو أن قوما استحقوا عذاب الله
(نتيجة أفعالهم وأعمالهم)، ألا يصبح العذاب الذي سيقع عليهم هو فعل لا مناص من
حدوثة؟
أَلَمْ
نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (77:16) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (77:17) كَذَٰلِكَ
نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (77:18)
فما حلّ بقوم عاد أو بأصحاب الفيل
كان فعلا، لأنه كان لازما (أي حتمي الحدوث):
أَلَمْ
تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (89:6)
أَلَمْ
تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ
(105:1)
السؤال: هل كان من الممكن ألا تقع تلك الأحداث؟
جواب مفترى: نحن نظن أنه لم يكن ممكنا إلا أن تحدث، فحدوثها كان إلزاميا
لأنها كانت ناتجة عن سبب استوجب وقوعها.
نتيجة مفتراة من عند أنفسنا: نحن نظن (ربما مخطئين) بإن لزوم حدوث الأمر
(أي أمر) ينقله إلى باب الفعل فورا. فالفعل هو ما توجب القيام به تحت ظرف الزامية
حدوثه حتى وإن كان غير محبب أو غير مرغوب به.
ولعل كثيرا من لغات الأرض تمييز بين نوعين من التراكيب اللغوية: الأفعال
التي يكون القيام بها واقعا في باب توافر الضرورة والاضطرار (What you have to do)، مقابل
الأعمال التي يمكن القيام بها من باب الرغبة (what you want, like, wish to do). فنجد متحدثي
اللغة الإنجليزية – مثلا - يستخدمون (DO) مع الأفعال واجبة الحدوث، بينما يستخدمون (MAKE) مع الأعمال المبنية على الرغبة. والجدول
التالي يوضح بعض الاستخدامات للنوعين:
فالأم – مثلا- تقع على عاتقها واجبات بيتية (household chores) كالطبخ
والكنس والتنظيف ونحوها، لذا نجد العبارات:
Do the cleaning
Do the dishes
Do the ironing
Do the laundry
Do the vacuuming
ETC.
فأنت لا تستطيع العيش بطريقة طبيعية دون القيام بمثل هذه المهمات حتى لو
كنت موجودا لوحدك أو في العائلة أو في المجتمع الأوسع. فهذه من المهمات التي لا
تستقيم الحياة بدونها. والأب – كذلك- يقع على كاهله واجبات ملزمة كأن يعمل وأن يبذل
قصارى جهده، وأن يتسوق البضاعة للبيت، ونحو ذلك، فنجد عبارات مثل:
Do the house work
Do the shopping
Do the damage
Do the best
ETC.
والطالب مطلوب منه حلّ الواجبات المدرسية، واجراء البحث والدراسة في
الجامعة، ونحوها، فنجد عبارات
مثل:
Do the homework
Do the test
Do research
Do the exercise
Do the assignment
ETC.
وعندما يطول شعرك أو تطول أظفارك، فأنت مضطر أن تقص شعرك وأن تقلم أظفارك،
فتجد متحدثي اللغة الإنجليزية يستخدمون عبارات مثل:
Do your hair
Do your nails
ETC.
وقد لا يكون لائقا أن تخرج في الصباح الباكر إلى العمل بشعر غير مرتب أو
مكياج غير لائق، لذا تجدهم يستخدمون:
Do your hair
Do your make-up
فجاءت كل هذه النشاطات مصحوبة بالفعل DO. لكن لو راقبنا – بالمقابل- العبارات التي
تصاحب (MAKE)،
سنجد أن عامل الاضطرار غير موجود، وسنجدها نشاطات تعرب عنها تراكيب لغوية مبنية
على وجود عنصر الرغبة عند الشخص للقيام بها. (انظر الجدول السابق).
ولو راقبنا عبارات مثل do
time vs. make time ، لوجدنا أنه على الرغم أن الاثنتين واردتان
في اللغة الإنجليزية، إلا أن الفرق بينهما كبير جدا في المعنى. فإذا كان الشخص Doing time ، فهذا يعني
أنه يقضي فترة محكومية في السجن، أما إن كان making time فهو يحاول ايجاد وقت اضافي لنشاط معين.
فالفرق بين الحالتين إذًا يتمثل (نحن نظن) في أن الأول اضطراري لا مناص منه، بينما
الآخر مرتبط برغبة الشخص في ذلك.
نتيجة مفتراة: نحن نلخص ما سبق على النحو التالي: فلا مناص من اعداد الطعام
(DO COOKING)،
لكن أن تتناول وجبة فطور (MAKE
BREAKFAST) أو غداء (MAKE LUNCH) أو عشاء (MAKE DINNER) أو أن يكون ذلك طبقا من اللحمة المشوية (MAKE A STEAK) أو سندويشة
سريعة (MAKE A SANDWITCH)،
فذاك يقع في باب الرغبة.
السؤال: ما فائدة هذا الطرح؟ هل يحلّ لنا اشكاليات محددة بعينها؟
جواب مفترى: لو عُدنا إلى قصة موسى، لوجدنا بأن ما قام به
موسى في اليوم الأول كان فعلا، وذلك لأن موسى لم يكن يملك خيارا إلا أن يقتل ذلك
الرجل مادام أنهما كانا في حالة اقتتال (حرب بين عدويين). فعدو موسى في ذلك
الاقتتال في اليوم الأول كان لن يتوانى عن قتل موسى لو سنحت له الفرصة. وبالتالي
أصبح موسى "مضطرا" (نحن نتخيل) أن يقتل ذلك الرجل الذي هو عدوه حتى لا
تكون النتيجة عكسية. فعدم اقدام موسى على قتل الرجل في ذلك الاقتتال كان سؤدي إلى
نتيجة أكبر تكلفة من إقدام موسى على قتل الرجل. فموسى في تلك اللحظة كان أمام
خيارين أحلاهما مرّ (كما نقول بالعامية): إما أن يقتل هو الرجل وينجو بنفسه أو أن
لا يقتله، فيقدم الرجل حينها على قتل موسى. فكان لزاما (نحن نرى) على موسى أن يقتل
عدوه لينجو بنفسه. فكان ذلك فعلا كما جاء بصريح اللفظ في النص:
وَفَعَلْتَ
فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (26:19) قَالَ
فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (26:20)
ظلم فيه موسى نفسه:
قَالَ رَبِّ
إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ...
فهو إذًا "فعل" مادام أن ذلك لم يتولد من رغبة
(أو لنقل شهوة النفس) عند موسى في القتل. فقد قتل موسى الرجلَ مضطرا إلى ذلك. لكن،
مادام أنه "فعل" ظلم فيه موسى نفسه تحت ظرف الاضطرار، كانت نتيجته
المباشرة أن موسى قد اقترف ذنبا:
قَالَ رَبِّ
إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (26:12) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ
لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ (26:13) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (26:14)
وكان الخيار أمام موسى أن يستغفر ربه على ذنبه ذاك،
فتحصل عليها:
... فَاغْفِرْ لِي
فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (28:16)
نتيجة مفتراة
مهمة جدا: إذا كان الفعل سيئا، فهو يحدث ذنبا، يمكن أن يغفر. قال تعالى:
قُلْ
يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ
رَحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ
هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (39:53)
ولكن تلك
المغفرة مشروطة بعدم الإصرار على ما فعل الإنسان، قال تعالى:
وَالَّذِينَ
إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا
لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا
عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (3:135)
فموسى لم يصرّ
على ذنبه، عندما قتل الرجل، وعلم يقينا أنه قد ارتكتب فعلا سيئا، فاكتسب ذنبا،
فطلب من ربه المغفرة، وعقد النية ألا يكون ظهيرا للمجرمين:
قَالَ
رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ
الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (28:16) قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ
أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ (28:17)
لكن المفارقة
التي نود أن نجلب الانتباه لها هي على النحو التالي: لو أن موسى قتل الرجل الذي هو
عدو لهما في اليوم الثاني، لأصبح ذلك عملا (وليس فعلا)، وذلك لأن ذاك الرجل لم يكن
عاقدا العزم أن يقتل موسى، فهو كان ناشدا الإصلاح كما قال لموسى:
فَلَمَّا
أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَىٰ
أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ ۖ إِنْ تُرِيدُ
إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ
الْمُصْلِحِينَ (28:19)
ففي تلك
اللحظة الحاسمة، كان أمام موسى خياران: أن يقتل هذا الرجل الذي ينشد الإصلاح أو أن
لا يقتله، فاختار موسى أن لا يقتله. ولو فعلًا أقدم موسى على قتل الرجل، لأصبح ذلك
مما صدر عن نفس موسى، ولأصبح ذلك مدفوعا برغبة (أو لنقل شهوة النفس) في القتل،
ولوقع ذلك في باب العمل الذي يزيّنه الشيطان لصاحبه. وبالتالي لأصبح عملا من النفس
التي تأمر بالسوء، فيقع في باب السيئات التي تكفّر، لأن السيئات تحتاج إلى تكفير:
رَبَّنَا
إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ
فَآمَنَّا ۚ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا
سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (3:193)
تخيلات
مفتراة: دعنا نتخيل بأن موسى قد قتل الرجل في اليوم الثاني، فكيف (نحن نسأل) سيكفّر
عن تلك السيئة التي ارتكبها؟ وبكلمات أخرى: ماذا كان يتوجب على موسى أن يفعل حتى
تكفّر عنه السيئات لو أنه أقدم على قتل الرجل في اليوم الثاني؟
جواب مفترى:
التكفير يكون بالقصاص
الدليل
لو بحثنا في
النص القرآني على مساحته عن مفهوم "الكفارة"، فسنجد بأنها لا تتحصل إلا
بدفع المقابل (أي ما يكافئ ذلك). فمبدأ دفع الثمن هو على نحو أن النفس بالنفس والعين بالعين والسن بالسن،
الخ، كما جاء في قوله تعالى:
وَكَتَبْنَا
عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ
وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ
وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ ۚ
وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
(5:45)
فالعدالة
تقتضي أن تكون النفس بالنفس والعين بالعين والسن بالسن، الخ. أليس كذلك؟ ولا يمكن
تحقيق العدالة بغير ذلك إلا بشرط التصدّق (بالعفو) من قبل المتضرر ويكون ذلك كفارة
له. ويتأكد مبدأ العفو في القصاص في قوله تعالى:
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ۖ
الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَىٰ بِالْأُنْثَىٰ ۚ
فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ
إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ۗ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ۗ فَمَنِ
اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (2:178)
ويكون ذلك من
سلوك العافين عن الناس الذين هم لا شك من المتقين الذين يسارعون إلى مغفرة من ربهم
وجنة عرضها السموات والأرض:
وَسَارِعُوا
إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ
أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (3:133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ
وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ
يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (3:134)
فَبِمَا
نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ
يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ
ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ۖ
فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (5:13)
ولو بحثنا
أكثر عن فكرة التكفير، سنجد بأن كفارة تعقيد الإيمان على نحو إطعام عشرة مساكين:
لَا
يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ
بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ
مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ
تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ۚ
ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ۚ وَاحْفَظُوا
أَيْمَانَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ (5:89)
وجزاء قتل
الصيد في فترة الإحرام على نحو "مثل ما قتل من النعم"، لكن كفارة ذلك هو
إطعام مساكين أو عدل ذلك صياما:
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ۚ وَمَنْ
قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ
يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ
طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ
ۗ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ ۚ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ ۗ
وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (5:95)
سؤال
للتفكر لاحقًا: ما الفرق بين جزاء الشيء (فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ)
وكفارة الشيء (أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ) وعدل الشيء (أَوْ
عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا)؟
نتيجة مفتراة
1: مادام أن ما فعله موسى في اليوم الأول هو فعل تحت ظرف الاضطرار، كان يكفيه أن
يستغفر لذنبه،
نتيجة مفتراة
2: لو أن موسى قتل الرجل في اليوم الثاني، لأصبح ذلك عملا يتولد عنه السيئات، التي
تحتاج إلى تكفير.
نتيجة مفتراة 3:
إذا كان القتل فعلًا فهو يغفر
نتيجة مفتراة
4: إذا كان القتل عملًا فهو يحتاج إلى
تكفير
رَبَّنَا
إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ
فَآمَنَّا ۚ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا
وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (3:193)
تساؤلات
للتفكير الآن:
-
لماذا هرب موسى بعد
حادثة القتل؟
-
لماذا لم يسلّم نفسه
للسلطة للاقتصاص منه؟
-
هل يستطيع من يقع في
القتل الهرب وعدم تسليم نفسه للسلطة للاقتصاص منه؟
-
الخ
عندما كان ما
قام به موسى يقع في باب الفعل الذي كان دافعه عامل الاضطرار، ما كان موسى ملزما أن
يسلّم نفسه للعدالة ليُقتصّ منه. فموسى كان في حالة اقتتال، كان كل طرف فيه حريص
على أن ينجو بنفسه، وما كان ذلك ممكنا لأي طرف إلا بقتل الطرف الآخر. فتعادل
الطرفان في الغاية والوسيلة. فما تبقى لأي منهما حجة على الآخر. فالجنود في الحرب –
مثلا- يقتتلون، لكن لا يستطيع أي طرف أن يلقي باللائمة على الطرف الآخر إذا ما قُتل
أحدهما. ولكن يبقى القتل ذنب لأنه يحتاج إلى مغفرة من ربنا. لذا يكون الإنسان دائم
لسانه يلهج بهذا الدعاء:
...
رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا
تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا ۚ
رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا
وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ
الْكَافِرِينَ (2:286)
الَّذِينَ
يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ
النَّارِ (3:16)
ولو أقدم موسى
(نحن ما زلنا نتخيل) على قتل الرجل الآخر في اليوم الثاني، لأصبح ذلك عملا يحتاج
إلى أن يكفّر، وما كان تكفيره ممكنا إلا بالقصاص أو بالعفو:
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ۖ
الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَىٰ بِالْأُنْثَىٰ ۚ
فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ
إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ۗ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ۗ فَمَنِ
اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (2:178)
وحينها سيكون
موسى (نحن نفتري القول من عند أنفسنا) مضطرا ألا يهرب، ومضطرا كذلك أن يسلّم نفسه
للعدالة ليقتص منه، فينال العقوبة في الدنيا حتى لا تصبيه في الآخرة.
ولو دققنا
أكثر فيما حصل مع موسى بعد حادثة القتل، سنجد بأنه قد أصبح في المدينة خائفا
يترقب، لكنه لم يصبح من النادمين أو الخاسرين كما حصل مع ابن آدم الذي قتل أخاه
بسبب ما طوعت له نفسه:
فَطَوَّعَتْ
لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5:30)
فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي
سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا
الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (5:31)
*** *** ***
نتيجة مفتراة
من عند أنفسنا 1: الأفعال صادرة من ذات الانسان تحت ظرف الحاجة (الاضطرار أو لنقل
الزامية الحدوث)
نتيجة مفتراة
من عند أنفسنا 2: الأعمال صادرة من النفس تحت ظرف الاختيار (الرغبة أو لنقل شهوة
النفس)
السؤال: إن
صحت هذه الافتراءات، ألا يستوجب علينا طرح التساؤلات التالية:
-
لماذا كل ما يصدر عن
الله يقع في باب الأفعال؟
-
أليس لله نفس؟
-
هل ما يصدر عن نفس
الله هي أعمال أم أفعال؟
-
الخ
جواب مفترى من
عند أنفسنا: للإنسان ذات تفعل مقابل نفس تشتهي، فتعمل، ويكون للشيطان سلطان عليه
لوجود الانقسام بين ما يريده الإنسان (ذاته) مقابل ما تحثه عليه نفسه، مادام أن
نفس الإنسان منقسمة بين التقوى والفجور:
وَنَفْسٍ
وَمَا سَوَّاهَا (91:7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (91:8)
لكن - بالمقابل:
لله ذات تفعل مقابل نفس غير منقسمة بين الخير والشر، وليس للشيطان سلطان على تلك
النفس. فتصبح ذات الله منسجمة مع نفسه (التي لا تشتهي). ويصبح هو الله أحد:
قُلْ
هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (112:1) اللَّهُ الصَّمَدُ (112:2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ
يُولَدْ (112:3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (112:4)
وهذا الاعتقاد
مدفوع بالعقيدة التي مفادها أن الله ليس كمثله شيء:
فَاطِرُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ
الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا ۖ يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ۚ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ
وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (42:11)
ولو دققنا في
هذه الآية الكريمة التي تبين الفصل الواضح بين الله من جهة وسائر الأشياء من جهة
أخرى، سنجد أن ذكر النفس حاضر فيها. لذا،علينا التفريق بين نفس الله من جهة ونفس
الناس (أو نفس الجن) من جهة أخرى. وقد ذكرنا في مقالات سابقة لنا بأن النص الديني
يبين لنا بأن هناك مفردتان اثنان للنفس، أحدهما تجمع على أنفس والأخرى تجمع على
نفوس:
-
نفس (أنفس)
-
نفس (نفوس)
وقد حاولنا
التفريق بين النفس التي تجمع على أنفس مقابل النفس التي تجمع على نفوس. ومن أراد
الإستزادة من ذلك فعليه العودة – إن شاء – إلى تلك المقالات. لكن سنحاول هنا جلب بعض
الأفكار التي ربما تسعفنا في نقاش الموضوع قيد البحث هنا. لذا سنبدأ النقاش حول
مفردة النفس التي تجمع على أنفس بجلب جميع السياقات التي ترد فيها المفردة، لنحاول
التعرف على خصائص وطبائع تلك النفس.
باب النفس
(أنفس)
لو دققنا في
مفردة الأنفس كما ترد في الآيات الكريمة التالية، لوجدنا أنها يمكن أن تُخدع:
يُخَادِعُونَ
اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ
إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (2:9)
ويمكن أن تُنسى:
أَتَأْمُرُونَ
النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ
أَفَلَا تَعْقِلُونَ (2:44)
ويمكن أن تُقتل:
وَإِذْ
قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ
بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ
ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۚ إِنَّهُ هُوَ
التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (2:54)
ويمكن أن تُظلم
أو أن تظلم:
وَظَلَّلْنَا
عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ ۖ كُلُوا
مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ۖ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِنْ كَانُوا
أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (2:57)
وَلَوْ
أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ ۗ وَأَسَرُّوا
النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ ۖ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ ۚ
وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (10:54)
ويمكن أن
تهوى:
وَلَقَدْ
آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ ۖ وَآتَيْنَا
عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ۗ
أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ
فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (2:87)
ويمكن أن
تشرى:
بِئْسَمَا
اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا
أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَىٰ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ
فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٍ ۚ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (2:90)
ويمكن أن تَحسِد:
وَدَّ
كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ
كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ
الْحَقُّ ۖ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ
اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2:109)
ويمكن أن
تنقص:
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ
بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ
وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (2:155)
ويمكن أن
تختان:
أُحِلَّ
لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ
وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ
أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ ۖ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ
وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ
يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ
الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ
وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا
تَقْرَبُوهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ
يَتَّقُونَ (2:187)
ويمكن أن يتم
التربص بها:
وَالْمُطَلَّقَاتُ
يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ
يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا
إِصْلَاحًا ۚ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ
وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (2:228)
ويمكن أن
تبتلى:
لَتُبْلَوُنَّ
فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِنْ
تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (3:186)
ويمكن أن تُزكى:
أَلَمْ
تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ ۚ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ
يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (4:49)
ويمكن أن
يصيبها الشح:
وَإِنِ
امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ
عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ
وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ ۚ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ
اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (4:128)
ويمكن أن تُخسر:
قُلْ
لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قُلْ لِلَّهِ ۚ كَتَبَ عَلَىٰ
نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ۚ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ
فِيهِ ۚ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6:12)
ويمكن أن يُكذب
عليها:
انْظُرْ
كَيْفَ كَذَبُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ ۚ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ
(6:24)
ويمكن أن
تهلك:
وَهُمْ
يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ ۖ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ
وَمَا يَشْعُرُونَ (6:26)
ويمكن أن يُمكر
بها:
وَكَذَٰلِكَ
جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا ۖ وَمَا
يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (6:123)
ويمكن أن
يتغير ما بها:
ذَٰلِكَ
بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ
يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ۙ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (8:53)
ويمكن أن
تزهق:
فَلَا
تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ
لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ
كَافِرُونَ (9:55)
ويمكن أن تضيق
على صاحبها:
وَعَلَى
الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ
بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ
مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ
هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (9:118)
ويمكن أن تسول
لصاحبها:
وَجَاءُوا
عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ۚ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ
أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ
(12:18)
ويمكن أن تُلام:
وَقَالَ
الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ
وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ
إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا
أَنْفُسَكُمْ ۖ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي
كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ (14:22)
ويمكن أن تُزوج،
(فيجعل منها بنين وحفدة):
وَاللَّهُ
جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ
بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ
وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (16:72)
ويمكن أن يحسن
لها أو أن يساء لها:
إِنْ
أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا
جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ
كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (17:7)
ويمكن أن
تُخلق:
مَا
أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا
كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (18:51)
ويمكن أن يخلق
منا أزواجا:
وَمِنْ
آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا
وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ (30:21)
ويمكن أن
تتوفى:
اللَّهُ
يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ
فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ
أَجَلٍ مُسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (39:42)
ويمكن أن
تفتن:
يُنَادُونَهُمْ
أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ
وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ
اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (57:14)
السؤال: هل
هذه الصفات تنطبق على نفس الله؟ هل يمكن أن تكون نفس الله من الأنفس التي تزوج أو
التي تهلك أو تتوفى أو تظلم أو تظلم أو تهوى، الخ؟
جواب مفترى:
كلا وألف كلا. فالله له نفس، كما جاء في أكثر من سياق قرآني:
لَا
يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا
مِنْهُمْ تُقَاةً ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَإِلَى اللَّهِ
الْمَصِيرُ (3:28)
يَوْمَ
تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ
سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ۗ
وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (3:30)
وَإِذْ
قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي
وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي
أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ
تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنْتَ
عَلَّامُ الْغُيُوبِ (5:116)
لكن نفس الله
لا تهلك ولا تهوى ولا تظلم ولا تظلم ولا تزوج ولا... . ليكون السؤال الآن هو:
لماذا؟
رأينا
المفترى: نحن نظن أن السبب في ذلك هو أن نفس الله ليست منقسمة بين الفجور والتقوى،
فهو وحدة واحدة، لا يمكن أن تنقص، ونحن نجد ذلك في قوله تعالى:
قُلْ
هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (112:1) اللَّهُ الصَّمَدُ (112:2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ
يُولَدْ (112:3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (112:4)
فالله ليس
كمثله شيء، لأن نفسه لم يجعل منها زوجا كما هي حال الناس والأنعام:
فَاطِرُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ
الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا ۖ يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ۚ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ
وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (42:11)
لذا، نجد أن
كل ما خُلق في هذا الكون مبني على مبدأ الثنائية (الزوجية):
وَمِنْ
كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (51:49)
فكل شيء ما
دون الله مخلوق منه زوجين، فحتى جبريل وميكال هما زوجان، وإبليس والشيطان زوجان،
والدواب زوجان والأنعام زوجان، وهكذا. فأنفس هؤلاء جميعا قد انقسمت بالتزاوج، فما
عادة صامدة (أي ما عادت كتلة واحدة غير منقسمة)، ولكن الله هو الكينونة الوحيدة
التي لم تنقسم نفسه، فكان الله أحد، وكان هو الصمد (أي الذي لم ينقسم). فما عاد
هناك مجال لأن يلد أو أن يولد، وما كافئه في ذلك أحد:
قُلْ
هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (112:1) اللَّهُ الصَّمَدُ (112:2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ
يُولَدْ (112:3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (112:4)
ولهذا كل نفس
ذائقة الموت:
كُلُّ
نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ ۖ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ
ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (3:185)
كُلُّ
نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ
وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (21:35)
كُلُّ
نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (29:57)
فالنفس
المنقسمة لا محالة ستذوق الموت حتى يتم تزويجها يوم أن يرجعون إلى الله:
إِذَا
الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (81:1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (81:2) وَإِذَا
الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (81:3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (81:4) وَإِذَا
الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (81:5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (81:6) وَإِذَا
النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (81:7)
فتصبح حينئذ
تقع في باب النفوس وليس الأنفس.
نتيجة مفتراة:
النفس التي تجمع على أنفس هي نفس منقسمة، فتتزاوج
نتيجة مفتراة:
النفس التي تجمع على نفو س هي نفس متحدة لا تنقسم.
السؤال الذي
سنبقى نذكر القارئ الكريم به في نهاية كل جزء من سلسلة المقالات هذه هو: من هو
داوود؟
المدّكرون:
رشيد سليم الجراح وآخرون
بقلم د. رشيد
الجراح