فقه الزكاة - الجزء 9
فقه الزكاة: الجزء التاسع
انتهينا في الجزء السابق عند فكرة تطهير الجلود، وافترينا الظن بأن تطهير الجلود هي فكرة دينية مفادها أن الجلود هي التي ستنطق على صاحبها في يوم الحساب:
وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21)
فكانت فكرة تطهيرها واردة في كل الشرائع السماوية السابقة كالهندوسية والبوذية واليهودية والنصرانية وحتى في الإسلام.
ولو تابعنا النقاش في الموضوع نفسه، لوجدنا أن التطهير يكون كذلك للمكان. فهذا رب إبراهيم وإسماعيل يعهد إليهما أن يطهرا بيته للطائفين والعاكفين والركع السجود:
وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125)
ليكون السؤال المحوري الآن هو: ما هي آلية تطهير المكان كالبيت العتيق مثلا؟
رأينا المفترى: دعنا بداية نستعرض بعض ما جاءنا من عند سادتنا أهل الدراية كما نقله لنا أهل الرواية في بطون بعض أمهات كتب التراث كتفسير القرطبي مثلا:
وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود
" وعهدنا " قيل : معناه أمرنا . وقيل : أوحينا . " أن طهرا " " أن " في موضع نصب على تقدير حذف الخافض . وقال سيبويه : إنها بمعنى أي مفسرة , فلا موضع لها من الإعراب . وقال الكوفيون : تكون بمعنى القول . و " طهرا " قيل معناه : من الأوثان , عن مجاهد والزهري . وقال عبيد بن عمير وسعيد بن جبير : من الآفات والريب . وقيل : من الكفار . وقال السدي : ابنياه وأسساه على طهارة ونية طهارة , فيجيء مثل قوله : " أسس على التقوى " [ التوبة : 108 ] . وقال يمان : بخراه وخلقاه . " بيتي " أضاف البيت إلى نفسه إضافة تشريف وتكريم , وهي إضافة مخلوق إلى خالق , ومملوك إلى مالك . وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق وأهل المدينة وهشام وحفص : " بيتي " بفتح الياء , والآخرون بإسكانها .
" للطائفين " ظاهره الذين يطوفون به , وهو قول عطاء . وقال سعيد بن جبير : معناه للغرباء الطارئين على مكة , وفيه بعد .
" والعاكفين " المقيمين من بلدي وغريب , عن عطاء . وكذلك قوله : " للطائفين " . والعكوف في اللغة : اللزوم والإقبال على الشيء , كما قال الشاعر : عكف النبيط يلعبون الفنزجا وقال مجاهد : العاكفون المجاورون . ابن عباس : المصلون . وقيل : الجالسون بغير طواف والمعنى متقارب .
" والركع السجود " أي المصلون عند الكعبة . وخص الركوع والسجود بالذكر لأنهما أقرب أحوال المصلي إلى الله تعالى . وقد تقدم معنى الركوع والسجود لغة والحمد لله .
لما قال الله تعالى " أن طهرا بيتي " دخل فيه بالمعنى جميع بيوته تعالى , فيكون حكمها حكمه في التطهير والنظافة . وإنما خص الكعبة بالذكر لأنه لم يكن هناك غيرها , أو لكونها أعظم حرمة , والأول أظهر , والله أعلم . وفي التنزيل " في بيوت أذن الله أن ترفع " [ النور : 36 ] وهناك يأتي حكم المساجد إن شاء الله تعالى . وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع صوت رجل في المسجد فقال : ما هذا ! أتدري أين أنت ! ؟ وقال حذيفة قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله أوحى إلي يا أخا المنذرين يا أخا المرسلين أنذر قومك ألا يدخلوا بيتا من بيوتي إلا بقلوب سليمة وألسنة صادقة وأيد نقية وفروج طاهرة وألا يدخلوا بيتا من بيوتي ما دام لأحد عندهم مظلمة فإني ألعنه ما دام قائما بين يدي حتى يرد تلك الظلامة إلى أهلها فأكون سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويكون من أوليائي وأصفيائي ويكون جاري مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ) .
استدل الشافعي وأبو حنيفة والثوري وجماعة من السلف بهذه الآية على جواز الصلاة الفرض والنفل داخل البيت . قال الشافعي رحمه الله : إن صلى في جوفها مستقبلا حائطا من حيطانها فصلاته جائزة , وإن صلى نحو الباب والباب مفتوح فصلاته باطلة , وكذلك من صلى على ظهرها ; لأنه لم يستقبل منها شيئا . وقال مالك : لا يصلى فيه الفرض ولا السنن , ويصلى فيه التطوع , غير أنه إن صلى فيه الفرض أعاد في الوقت . وقال أصبغ : يعيد أبدا .
قلت : وهو الصحيح , لما رواه مسلم عن ابن عباس قال : أخبرني أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل فيه حتى خرج منه , فلما خرج ركع في قبل الكعبة ركعتين وقال : ( هذه القبلة ) وهذا نص . فإن قيل : فقد روى البخاري عن ابن عمر قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة الحجبي البيت فأغلقوا عليهم الباب . فلما فتحوا كنت أول من ولج فلقيت بلالا فسألته : هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال , نعم بين العمودين اليمانيين . وأخرجه مسلم , وفيه قال : جعل عمودين عن يساره وعمودا عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه , وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة . قلنا : هذا يحتمل أن يكون صلى بمعنى دعا , كما قال أسامة , ويحتمل أن يكون صلى الصلاة العرفية , وإذا احتمل هذا وهذا سقط الاحتجاج به . فإن قيل : فقد روى ابن المنذر وغيره عن أسامة قال : رأى النبي صلى الله عليه وسلم صورا في الكعبة فكنت آتيه بماء في الدلو يضرب به تلك الصور . وخرجه أبو داود الطيالسي قال : حدثنا ابن أبي ذئب عن عبد الرحمن بن مهران قال حدثنا عمير مولى ابن عباس عن أسامة بن زيد قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة ورأى صورا قال : فدعا بدلو من ماء فأتيته به فجعل يمحوها ويقول : ( قاتل الله قوما يصورون ما لا يخلقون ) . فيحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم صلى في حالة مضي أسامة في طلب الماء فشاهد بلال ما لم يشاهده أسامة , فكان من أثبت أولى ممن نفى , وقد قال أسامة نفسه : فأخذ الناس بقول بلال وتركوا قولي . وقد روى مجاهد عن عبد الله بن صفوان قال : قلت لعمر بن الخطاب : كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل الكعبة ؟ قال : صلى ركعتين . قلنا : هذا محمول على النافلة , ولا نعلم خلافا بين العلماء في صحة النافلة في الكعبة , وأما الفرض فلا ; لأن الله تعالى عين الجهة بقوله تعالى : " فولوا وجوهكم شطره " [ البقرة : 144 ] على ما يأتي بيانه , وقوله صلى الله عليه وسلم لما خرج : ( هذه القبلة ) فعينها كما عينها الله تعالى . ولو كان الفرض يصح داخلها لما قال : ( هذه القبلة ) . وبهذا يصح الجمع بين الأحاديث , وهو أولى من إسقاط بعضها , فلا تعارض , والحمد لله .
واختلفوا أيضا في الصلاة على ظهرها , فقال الشافعي ما ذكرناه . وقال مالك : من صلى على ظهر الكعبة أعاد في الوقت . وقد روي عن بعض أصحاب مالك : يعيد أبدا . وقال أبو حنيفة : من صلى على ظهر الكعبة فلا شيء عليه .
واختلفوا أيضا أيما أفضل الصلاة عند البيت أو الطواف به ؟ فقال مالك : الطواف لأهل الأمصار أفضل , والصلاة لأهل مكة أفضل وذكر عن ابن عباس وعطاء ومجاهد . والجمهور على أن الصلاة أفضل . وفي الخبر : ( لولا رجال خشع وشيوخ ركع وأطفال رضع وبهائم رتع لصببنا عليكم العذاب صبا ) . وذكر أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب في كتاب ( السابق واللاحق ) عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لولا فيكم رجال خشع وبهائم رتع وصبيان رضع لصب العذاب على المذنبين صبا ) . لم يذكر فيه " وشيوخ ركع " . وفي حديث أبي ذر ( الصلاة خير موضوع فاستكثر أو استقل ) . خرجه الآجري . والأخبار في فضل الصلاة والسجود كثيرة تشهد لقول الجمهور , والله تعالى أعلم .
ليكون السؤال الذي نوجهه لكل من يقرأ في مثل هذه الكتب الصفراء هو: هل تجد في هذا التفسير العظيم (وغيره طبعا) آلية طهارة البيت؟ هل تستطيع أن تفهم من هذه التفاسير الطريقة العملية التي اتبعها إبراهيم وولده إسماعيل في تطهير بيت الله؟
رأينا المفترى: إن كنت وجدت ذلك أنت، فنحن نظن أن جلّ ما نجده في مثل هذا التفسير ليس أكثر من كلام إنشائي لا يسمن ولا يغني من جوع، لأنه ببساطة لا يرشدنا (كما فهمناه) إلى الطريقة المثلى لتطهير البيت كما قام بذلك إبراهيم وولده إسماعيل بعد أن عهد الله إليهما بذلك.
لذا، نجد لزاما أن ندخل في هذا الموضوع من جديد، طارحين ابتداء تساؤلات حول الموضوع، نذكر منها:
- هل يمكن تطهير البيت باستخدام الماء؟
- هل يمكن تطهير البيت بإزالة الأصنام من حوله؟
- هل يمكن تطهيره بأن لا يشرك بالله شيء عنده؟
- الخ
رأينا المفترى: كلا وألف كلا. فتطهير البيت لا يكون بواحدة من هذه الطرق التي ذكرها أهل العلم المقدّرين عندنا بشخصهم فقط. ليكون السؤال المطروح على الفور الآن هو: ما هي الآلية التي اتبعها إبراهيم وولده إسماعيل كي يطهرا بيت الله للطائفين والعاكفين والركع السجود؟
جواب مفترى خطير جدا جدا: نحن نظن بأن تطهير البيت لا يكون إلا بالذبح. انتهى.
السؤال: وكيف ذلك؟
رأينا المفترى: نحن نظن بأن التطهير للمكان (أي مكان) يكون بتنظيفه تماما من رجس الشيطان، قال تعالى:
إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ (11)
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)
فلو تتبعنا ما جاء في هاتين الآيتين الكريمتين، لوجدنا بأن رجز الشيطان يذهبه الماء الذي ينزله ربنا من السماء (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء)، فتكون النتيجة هي طهارتنا من رجز الشيطان (لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ) كما جاء في الآية الأولى، بينما إذهاب رجس الشيطان تكون نتيجته الطهارة تطهيرا (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) كما جاء في الآية الثانية.
السؤال: ما الفرق بين الرجز الذي يذهبه الماء )الذي ينزله لنا ربنا من السماء( مقابل الرجس الذي تكون نتيجته الطهارة تطهيرا كما جاء بحق أهل بيت الرسول الكريم؟
افتراء من عند أنفسنا 1: الرجز هو ضرر من الشيطان خارجي
افتراء من عند أنفسنا 2: الرجس هو ضرر من الشيطان داخلي
الدليل
عندما يُنزِل الله الماء من السماء، يكون ذلك من أجل أن يطهرنا به، أي يذهب عنا كلّ ضرر يمكن أن يصيبه الماء النازل من السماء، فيذهب به عنا، فتكون نتيجته الطهارة: وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ
نتيجة مفتراة: نزول الماء من السماء يحدث طهارة لنا وذلك عندما يذهب عنا رجز الشيطان
أما طهارة النساء، فتتم بواسطة المحيض:
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)
فخروج دم المحيض من داخل جسم المرأة يؤدي (نحن نفتري القول) إلى طهارتها، فكلما خرج دم المحيض من جسم المرأة، كلما تطهر جسمها من الرجس، ويكون هذا التطهير لجسم المرأة من الداخل: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا
السؤال: كيف إذن يمكن أن نفهم آلية التطهير؟
رأينا المفترى: عندما تحصل الطهارة، فإن ذلك يكون بذهاب الرجز (أذى الشيطان الخارجي) أو التخلص من الرجس (أذى الشيطان الداخلي). ولا شك عندنا أن أثر التطهير الداخلي (ذهاب الرجس) أكبر من أثر التطهير الخارجي (ذهاب الرجز). فعندما يتطهر الشيء من الداخل بذهاب الرجس (كما في حالة أهل بيت الرسول)، فإن ذلك يؤدي إلى الطاهرة الداخلية والخارجية، فجاء التطهير مضاعفا (وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا).
نتيجة مفتراة مهمة جدا جدا: التطهير يؤدي إلى التخلص من أذى الشيطان الخارجي (الرجز) وأذى الشيطان الداخلي (الرجس).
ولو عدنا إلى الفطرة البشرية، لوجدنا بأنه ما أن ينتهي خروج دم المحيض من داخل جسم المرأة كليا، حتى تعمد المرأة الى الطهرة الخارجية، فتقوم بفعل الاستحمام بالماء، فتكون بذلك قد تطهرت تطهيرا، أي تطهرين: طهارة داخلية (من رجس الشيطان) وطهارة خارجية (من رجز الشيطان)
ولو تفقدنا الآية الكريمة التالية:
خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)
نجد أن إخراج شيء من المال من باب الصدقة (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً)، يؤدي إلى طهارة الذين يخرجونها من أموالهم (تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا)، وذلك لاحتمالية أن يكون المال فيه شيء من الخبث (من الشيطان) لازال عالقا به، فيتم تطهيره عندما يخرج هذا الخبث من المال بالصدقة:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)
فقد لا يكون التاجر واع تماما أن المال الذي تحصل له لازال عالقا به شيء من الخبث، فالتاجر قد لا يكون قاصدا أن يدخل الخبث في ماله (وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ)، لكن قد يدخل هذا الخبث عن غير قصد منه، فيكون حينها مغمضا فيه (إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ). فلو علم التاجر الصادق أن ماله قد دخله شيء من الخبث، لما أخذه. لكنه قد يأخذه غير قاصد ذلك (وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ). وهذه – برأينا- هي الغاية من إخراج شيء من المال بالصدقة إضافة إلى الزكاة التي أخرجت من المال من ذي قبل. فكثرة الصدقة – لا شك عندنا- تطهر المال كله مما علق به من الخبث. فما تبقى من ذلك المال يكون أكثر طهرا، لذا عندما يأكل صاحبه منه، يكون ما يدخل جسمه منه أكثر طهرا وأقل أذى له ولأهل بيته، فتزداد الطهارة بازدياد الإنفاق من المال من باب الصدقة.
نتيجة مفتراة: كلما أنفق صاحب المال من ماله من باب الصدقة، كلما أصبح أكثر طهارة بسبب ما يدخل في جسمه وجسم أهله من الرزق الذي يأكله بالمال الطاهر.
وقد تحدثنا في مقالات سابقة لنا عن الضرر الذي يمكن أن يصيب الإنسان الذي يعتاش على مال الصدقة، فهذا المال هو مال غير نظيف يسبب لمن يأكله أذى في بطنه.
نتيجة مفتراة مرة أخرى: الطهارة تتم بطرد الشيطان من المكان – برأينا على النحو التالي:
- إنزال الماء من السماء ليطهر الناس الذي يصيبهم هذا الماء من أذى الشيطان الخارجي
- خروج دم المحيض من جسم النساء فيطهرهن تطهيرا (أي تطهير داخلي وخارجي)
- إخراج الصدقة من المال ليطهر صاحبها؛ لأن ما تبقى من المال يصبح أكثر طهارة من أذى الشيطان.
السؤال: لماذا؟ وكيف يتم ذلك؟
رأينا المفترى: نحن نظن بأن هذا السؤال يعيدنا على الفور إلى قصة الخلق الأول كما بينتها الآية الكريمة التالية (كما نفهمها طبعا):
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (30)
دقق عزيزي القارئ - إن شئت- في رد الملائكة (قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء)، لتجد على الفور أن خشية الملائكة من هذا الخلق قد تمثلت في أمرين اثنين:
- إحداث الفساد في الأرض
- سفك الدماء
ليكون السؤال هنا هو: لماذا جاء رد الملائكة على هذا النحو؟ أو لماذا احتجت الملائكة مدعمة ذلك باحتمالية أن يقوم هذا المخلوق الجديد بالإفساد في الأرض وسفك الدماء؟
رأينا المفترى: نحن نظن أن الإجابة على هذا السؤال تتطلب نثر جملة من الافتراءات التي قدمناها سابقا:
- الملائكة جزء من الجن
- الجن منهم المؤمنون ومنهم القاسطون
- الجن مخلوقات لا دم فيهم
- إبليس من الجن
- الخ
منطقنا المفترى: لما كانت الملائكة من الجن، ولما كانت الملائكة مخلوقات مؤمنة:
وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27)
ما كانت لتحدث الفساد في الأرض ولا أن تسفك الدماء، فهي - لا شك عندنا - لا تحب فعل الإفساد في الأرض ولا تحب منظر سفك الدماء. فنحن نتخيل الجن (بمن فيهم الملائكة) كمخلوقات لا يسري الدم في عروقها، ولا تحب منظر سفك الدماء، بل تبتعد (نحن نرى) كليا عن المكان الذي يسفك فيه الدم. لذا، فإن الدم (نحن نرى) بيئة غير صالحة لتواجد الجن (مؤمنهم وقاسطهم)، فوجود الدم في بيئة ما يؤدي إلى تفريغ المكان من الجن، لأنها (نحن لازلنا نتخيل) تهرب من المكان الذي يسفك فيه الدم.
الدليل
لا شك عندنا أن شياطين الجن تعمد على الدوام إلى تغذية الصراع بين الأطراف المتنازعة، فالشيطان هو الذي ينزغ بين الأطراف المتنازعة كما جاء الخطاب على لسان يوسف:
... مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100)
فقد كانت خطة إخوة يوسف تنطوي على واحد من الاحتمالين:
اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9)
لكن فاز الاحتمال الثاني في التحقق على أرض الواقع، لأن هذا (نحن نظن) ما كان الشيطان يغذيه، فشيطان الجن الذي نزغ بين إخوة يوسف لم يكن يغذي احتمال القتل ولكنه غذي الفتنة بينهم فقط، لذا تقبل الإخوة جميعا ما جاء على لسان القائل من إخوة يوسف على النحو التالي:
قَالَ قَآئِلٌ مَّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (10)
ولو عدنا إلى قصة الخلاف بين ابني آدم، فإننا نجد أنه لا ذكر للشيطان في ذلك الخلاف، وأن محرك القتل عندئذ هو النفس:
فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30)
ولو عدنا إلى ما حصل أيضا في حالة موسى عندما قتل الذي هو من عدوه، لوجدنا أن الشيطان غائب عن المشهد تماما:
قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16)
نتيجة مفتراة: لو تفقدنا السياقات القرآنية التي حصل فيها قتل وبالتالي سفك الدم، لما وجدنا ذكر للشيطان في هذه الحالات، لكن الشيطان (نحن نظن) ينشط في إحداث الفتنة بين المتخاصمين. ويتبلور ذلك على شكل ارتفاع في ضغط الدم عند الأشخاص المتنازعين، فيحصل الغضب عندهم، فتتوهج بشرتهم الخارجية بالاحمرار الذي يبدو على وجنتي كل من المتخاصمين، فتتوتر العلاقة بينهما، ويبقى التوتر يتصاعد عند الطرفين، وهنا يكون الشيطان هو مغذ لهذا الصراع. لكن إذا ما وصل الأمر بين المتخاصمين إلى إرهاق الدم، فغالبا ما يهدأ الغضب عند المتنازعين، فتبرد حرارتهم، فيميلون إلى الهدوء العجيب الذي لم يكن سائدا قبل مرحلة إرهاق الدم. ليكون السؤال هو: لماذا؟
رأينا المفترى: ينشط الشيطان في النزغ بين الأطراف المتخاصمة، لكن ما أن تسيل أول قطرة من الدم حتى تهرب الجن (خاصة الشياطين) من المكان كله، فيسود الهدوء في المكان بعد هروب الشياطين من المكان كله.
نتيجة مفتراة مهمة جدا: شياطين الجن هي – برأينا- كائنات مخلوقة تهاب منظر الدم، فلا تتواجد في المكان الذي يرهق فيه الدم. انتهى.
السؤال: ما علاقة هذا الأمر بتطهير المكان كالبيت الذي طلب الله من إبراهيم وإسماعيل أن يطهراه للطائفين والعاكفين والركع السجود؟
وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125)
رأينا المفترى: نحن نظن أن هذا السؤال يعيدنا على الفور إلى قصة الخلق الأول مرة أخرى، خاصة ما حصل بعد أن وقع آدم في المعصية.
السؤال: كيف ذلك؟
رأينا المفترى: لما طلب الله من الملائكة السجود لآدم، سجد الملائكة كلهم أجمعون. لكن إبليس على وجه التحديد رفض الأمر الإلهي بالسجود لآدم. فجاء القرار الإلهي على نحو أن يسكن آدم وزوجه في الجنة وأن يخرج إبليس منها، فيكون رجيما، وتحل عليه اللعنة الإلهية إلى يوم الدين:
قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (33) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35)
قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (78)
وكان التحذير الإلهي الأول لآدم بأن لا يأكل من الشجرة، وأن عداوة الشيطان له ولزوجه دائمة:
فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117)
لكن بالرغم من هذا التحذير الإلهي لآدم وزوجه إلا أن آدم قد آثر النزول عند رغبة الشيطان، فأكل من الشجرة هو وزوجه، فبدت لهما سوءاتهما. وهنا جاء القرار الإلهي بأن يهبطا من الجنة مع كل من كان يسكن الجنة معها بمن فيهم الشياطين الذين كانوا يتواجدون هناك حينئذ:
قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)
قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (38)
السؤال: إلى أين هبط آدم وزوجه وكل الشياطين الذين كانوا يشاركون آدم تلك الجنة الأولى حينئذ؟
تخيلات مفتراة من عند أنفسنا: نحن نظن أن خروج آدم ومن معه من الجنة كان إلى المكان الذي تنتفي عنه صفة الجنة. فمنطقنا المفترى من عند أنفسنا يجبرنا على الظن بأن الانتقال من الجنة قد تم إلى نقيضها تماما. فإلى أين كان الانتقال؟
تخيلات من عند أنفسنا أغرب من الخيال (فلا تصدقوها): نحن نظن أن جنة آدم الأولى كانت في الأرض المقدسة (الأرض التي باركنا فيها للعالمين)، فكانت جنّة يتحصل فيها آدم على كل ما يريد دون شقاء، فلا يجوع فيها ولا يعرى، ولا يظمأ فيها ولا يضحى. لكن ما أن وقع آدم في المعصية حتى أصبح يجوع فيها ويعرى ويظمأ ويضحى، وذلك بسبب هبوطه من الجنة إلى المكان المقفر الذي تنقصه مقومات الجنة، وكان هذا الانتقال (نحن نفتري الظن ربما مخطئين) إلى الواد غير ذي الزرع (بطن مكة).
نتيجة مفتراة مهمة جدا: كان انتقال آدم من الأرض المقدسة (القدس) إلى الواد غير ذي الزرع (مكة).
السؤال: وما الفائدة التي نجنيها من مثل هذا الظن الذي هو - لا شك- مفترى من عند أنفسنا؟
رأينا المفترى: نحن نظن أن أول فائدة يمكن أن نجنيها من هذا الظن المفترى هو أن الانتقال كان لآدم وزوجه وكل من كان يسكن الجنة معهما حينئذ بمن فيهم الشياطين. فجنة آدم لم تكن تخلو من تواجد الشياطين فيها بدليل أن الشيطان هو الذي دلهم على شجرة الخلد فيها:
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى (120)
وما أن جاء الأمر الإلهي للجميع بالهبوط:
قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (38)
حتى أصبح ذلك الواد غير ذي الزرع يعج بالشياطين منذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا. واستحكمت العداوة بين الطرفين:
قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24)
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)
نتيجة مفتراة من عند أنفسنا (كنز للمتصيدين الذين يروجون لأفكهم باجتزاء النصوص من سياقاتها): نحن نظن بأن الواد غير ذي الزرع هو المكان الذي أصبح موطن الشياطين بعد خروجهم جميعا من الجنة. وهناك بدأت الشياطين تسيطر على المكان كله.
الدليل
لو راقبنا التطبيقات العملية للمسلمين في الحج، لوجدنا بأن هناك شعيرة من شعائر الحج تتمثل فيما يحصل في يوم النحر:
وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37)
ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)
وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196)
ويكون ذلك فيما يسمى بيوم النحر بعد صلاة العيد:
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)
السؤال: أين يتم الذبح كشعيرة من شعائر الله في الحج؟
جواب مفترى: في منى.
السؤال: لماذا في منى؟ وما هي منى؟
جواب مفترى: دعنا ندقق في هذا الوصف لـ "منى" كما يرد في موسوعة الويكيبيديا:
مِنى (بكسر الميم وفتح النون) هي وادي تحيط به الجبال، تقع في شرق مكة، على الطريق بين مكة وجبل عرفة. وتبعد عن المسجد الحرام نحو 6 كم تقريباً. ويحدها من الشمال الغربي جمرة العقبة، ومن الجنوب الشرقي وادي محسر، ومن الشمال جبل القويس، ومن الجنوب جبل ثبير.
تعرف منى بأنها موضع أداء شعائر الحج ومبيت الحجاج في يوم التروية ويوم عيد الأضحى وأيام التشريق حيث أن فيها موقع رمي الجمرات والتي تتم بين شروق وغروبالشمس في تلك الأيام من الحج ويذبح فيها الهدي.
لو دققنا في هذا الوصف، لوجدنا ما يلي عن ذلك المكان على وجه التحديد (أي منطقة منى):
- هي واد تحيط به الجبال
- هي نقطة وصل بين مكة من جهة وجبل عرفات من جهة أخرى
- تبعد عن البيت الحرام مسافة قصيرة
- يذبح فيها الهدي
- فيها مكان رمي الجمرات
السؤال مرة أخرى: لماذا يحصل في منى (على وجه التحديد) ذبح الهدي ورمي الجمرات؟
رأينا المفترى من عند أنفسنا: نحن نظن بأن السبب في ذلك يعود إلى أن واد منى هو موطن الشياطين الأصلي. فمقر "مملكة" الشياطين هو وادي منى. فعندما يتم ذبح الهدي في منى، فإنه ينتج عن ذلك سفك دم بكميات كبيرة، تؤدي بالتالي إلى دب الذعر في الشياطين المتواجدة هناك، فتهرب من المكان كله خوفا من منظر سفك الدماء. وأكاد أجزم الظن بأن طابع الهدوء والسكينة يحل على كل من يتواجد في المكان حينئذ وذلك بسبب كبح جماح الشياطين، فتفقد فاعليتها في التأثير في نفوس الناس بشكل سلبي.
تخيلات مفتراة من عند أنفسنا: لما حصل الانتقال إلى الواد غير ذي الزرع، كان الشيطان قد نزع عن آدم وزوجه لباسهما، فكانت سوءاتهما قد بدت لهما، وفي ذلك المكان على وجه التحديد حصل أول عملية جنسية (استمناء) بين آدم وزوجه. لهذا، نحن نفتري القول من عند أنفسنا، سمي المكان بهذا الاسم (منى).
تلخيص ما سبق
السؤال: لماذا أمر الله إبراهيم وولده إسماعيل أن يطهرا بيته للطائفين والعاكفين والركع والسجود؟
رأينا المفترى: نحن نظن أن طهارة المكان تكون من الشياطين؟
السؤال: ما هي آلية التطهير؟
رأينا المفترى: بالذبح. انتهى.
السؤال: وكيف ذلك؟
رأينا المفترى: لو تفقدنا العقائد البشرية ذات الأصول السماوية كالهندوسية والبوذية واليهودية والنصرانية والإسلامية، لوجدنا أن فكرة إرهاق الدم شائعة في تلك الديانات، لدرجة أن كثيرا من أماكن العبادة (كالمعابد) فيها جناح خاص يسمى بالمذبح. وقد كانت دعوى اللادينيين تتمثل في اتهام الأديان بأنها دموية، وأن رب هذه الأديان محب لإرهاق الدم. فكيف يمكن الرد على دعواهم هذه؟
رأينا المفترى: لو تمثلنا مثل هذا المنطق المفترى من عند أنفسنا، لوجدنا بأن فقه إرهاق الدم بالذبح مبني على الظن بأن إرهاق الدم يؤدي إلى تنظيف المكان من الشياطين، فيعم الهدوء والسكينة في المكان كله، وينعكس ذلك إيجابيا على تصرفات الناس. ولو راقبنا التشريعات الدينية، لوجدنا بأن سنة الذبح (إرهاق الدم) منتشرة في كثير من الأعمال الحياتية للناس في جميع الثقافات تقريبا (خاصة البدائية منها). فمن يبني بيتا جديدا، يتوج ذلك باحتفال بالذبح؛ وغالبا تتوج حفلات العرس بالذبح قبل يوم الزفاف أو في يوم الزفاف أو بعده بقليل؛ وغالبا ما يقوم من وهبه الله مولودا بفعل الذبح؛ ومن نجا من حادث سير، شكر الله بالذبح؛ ومن نذر نذرا، غالبا ما يكون ذلك على نحو ذبح شيء من الأنعام؛ وهكذا. ليكون السؤال البديهي هو: لماذا؟
رأينا المفترى: نحن نظن أن هذه المواطن هي مواطن طلب البركة التي نظن أنها تتحصل - لا محالة- بتنظيف المكان من الشياطين، وعملية الذبح بحد ذاتها تؤدي إلى طرد الشياطين من المكان. وهذه هي - برأينا- البركة المنشودة بعينها.
نتيجة مفتراة: نحن نظن (ربما مخطئين) بأن الجن بشكل عام تهاب كثير من القوى التي لا نشعر بها نحن كما يشعرون بها هم. ولعل أهم هذه القوى التي تهابها الشياطين هي اثنتان: الدم والذهب.
أما الدم، فقد أسلفنا افتراء القول بأنه يؤدي إلى طهارة الأشخاص والمكان من أذى الشيطان. فماذا عن الذهب؟
رأينا المفترى: نحن نظن أن في الذهب (كما الدم) قوة كامنة تهابها الجن (وخاصة الشياطين)، لذا تحرص الشياطين على أن لا تقع هذه القوة بيد الناس حتى لا يلحق بهم الأذى جراء ذلك، وبالتالي تثبيط نشاطاتهم المعادية للبشر. انتهى.
السؤال: وكيف ذلك؟
رأينا المفترى: لو رجعنا إلى قصة قارون كما بينها كتاب الله الكريم، لوجدنا الآيات التالية التي تتحدث عن الرجل:
إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80) فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ (81) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82) تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)
وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءهُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39) فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40) مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (23) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (24) فَلَمَّا جَاءهُم بِالْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاء الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (25)
ونستطيع بناء على فهمنا (ربما الخاطئ) لهذه الآيات الكريمة أن نسطر الافتراءات التالية:
- أن قارون كان من قوم موسى (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى)
- أن قارون قد بغى على قوم موسى (فَبَغَى عَلَيْهِمْ)
- أن الله هو من آتاه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة (وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ)
- كان قومه من المؤمنين بينما كان هو من الفرحين الذين لا يحبهم الله (إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ)
- لم يكن قارون ممن يبتغون الدار الآخرة بما آتاه الله لأنه كان من المفسدين الذين لا يحبهم الله (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)
- ظن قارون أن ما تحصل له من مال كان بسبب علم عنده (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي)
- تناسى قارون بأن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة، وأكثر جمعا، فكان من المجرمين (أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ)
- انخدع نفر من قومه بما كان عند قارون عندما خرج عليهم في زينته، فظنوا أنه ذو حظ عظيم (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)
- لم ينخدع أولوا العلم بذلك، فأصروا على موقفهم بأن ثواب الله خير، فحثوا قومهم على الصبر (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ)
- كانت عاقبة الرجل أن خسف الله به وبداره الأرض، فما كان من المنتصرين (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ)
- تراجع الذين انخدعوا بزينة الرجل بعد أن رأوا بأم أعينهم ما حل بالرجل وبداره، فأيقنوا بأن الفلاح لن يكون للكافرين (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ)
- تحققت سنة الله بأن الدار الآخرة للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا وأن العاقبة للمتقين (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)
- كانت رسالة موسى موجهة بشكل خاص إلى ثلاثة أشخاص هم قارون وفرعون وهامان (وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءهُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ) (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (23) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (24)).
- الخ
تساؤلات
- من هو قارون؟
- كيف بغى على قوم موسى؟
- لماذا كانت رسالة موسى موجهة إليه مع فرعون وهامان؟
- الخ
لو دققنا في الآية الكريمة السابقة، لوجدنا على الفور بأن قارون كان من قوم موسى:
إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76)
ليكون السؤال المطروح على الفور: كيف يكون قارون من قوم موسى ونجده يقف إلى جانب فرعون ضد موسى ومن معه من المؤمنين؟
افتراء من عند أنفسنا: نحن نفتري الظن بأن فرعون كما أسلفنا في واحدة من المقالات السابقة لم يكن يضمر عداء شديدا لقوم موسى بمجموعهم، فلقد كان فرعون (نحن نظن) يعادي طائفة محددة من بني إسرائيل، فهو الذي جعل أهل مصر شيعا، فاستضعف طائفة واحدة منهم:
إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)
فكانت المنّة الإلهية خالصة على أولئك المستضعفين في أرض مصر:
وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5)
وبالفعل كنت وراثة مشارق الأرض ومغاربها لهم:
وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ (137)
نتيجة مفتراة: لم يكن كل بنو إسرائيل في صف موسى، كما لم يكن كلهم في صف فرعون.
الدليل
عندما دخل موسى المدينة على حين غفلة من أهلها، وجد الصراع قائما بين هم من شيعته مقابل من هم من عدوه:
وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ (15)
فكان الانقسام حاصلا بين طرفين: طرف مع موسى (وهم الذين استضعفوا في الأرض)، وهم الذين وقع عليهم الأذى من قبل أن يأتيهم موسى ومن بعد ما جاءهم:
وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127) قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129)
والطرف الآخر هم الذين من عدوه (في صف فرعون):
أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39)
فكان قارون الذي هو أصلا من قوم موسى في صف فرعون (عدو موسى).
السؤال: لماذا كان قارون في صف فرعون بالرغم أنه من قوم موسى؟
جواب مفترى: لأن قارون كان من الذين يريدون علوا في الأرض. واقرأ عزيزي القارئ الكريم - إن شئت- السياق القرآني الذي يتحدث عن قارون حتى نهايته (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ):
إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80) فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ (81) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82) تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)
انظر عزيزي القارئ - إن شئت- في آخر آية ترد في سياق الحديث عن قارون، لتجد أنها تبين أن الرجل كان من الذين لا يريدون الدار الآخرة (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).
نتيجة مفتراة: لمّا كان قارون من الذين لا يبتغون الدار الآخرة، ولما كان من الذين يريدون علوا في الأرض، وجد أن هذا العلو في الأرض لا يتحصل له إلا بالوقوف إلى جنب من فعلا علا في الأرض، ألا وهو فرعون:
إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)
نتيجة مفتراة: نحن نظن بأن غاية قارون (العلو في الأرض) ما كانت لتتحقق له بغير الوقوف إلى جنب من يستطيع فعلا العلو في الأرض وهو فرعون نفسه (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ)، فاختار أن ينحاز إلى صفه على حساب قومه.
السؤال: ما الذي استفاده قارون من هذا الانحياز إلى جانب فرعون الذي علا في الأرض؟
رأينا: نحن نظن بأن أول ما استفاده قارون من هذا الانحياز هو حصوله على الكنوز. انتهى.
السؤال: كيف استطاع قارون حيازة هذه الكنوز؟
جواب مفترى: نحن نفتري الظن بأن قارون قد حاز على تلك الكنوز بالعلم الذي كان عنده:
قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78)
نعم، لقد كانت تلك الكنوز من الله (وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ)، لكن الرجل أنكر فضل ربه في ذلك، ونسب الفضل في ذلك إلى نفسه وذلك لأن لديه من العلم (نحن نظن) ما يجعله يصدّق نفسه أنه يستطيع حيازة تلك الكنوز بذلك العلم (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي)، فلم يجد الحاجة ماسّة أن ينسب الفضل في ذلك إلى ربه.
السؤال: لماذا؟
رأينا المفترى من عند أنفسنا: نحن نظن أن الإجابة على هذا السؤال تتطلب الإيمان المطلق بسنن الله الكونية. فحيازة المال (أو غيره) هو لا شك فضل من الله يؤتيه من يشاء من عباده، لكن طريقة الحيازة على المال مضبوطة بسنن الله الكونية، فمن عرف هذه السنن واستكشفها تحصلت له، ومن لم يستكشفها لا يستطيع حيازتها. فالحيازة على المال لا ترتبط بالإيمان، فيستطيع المؤمن أن يحوز على الأموال كما يستطيع غير المؤمن حيازتها، لكن الفرق بين المؤمن والكافر لا يكمن في الطريقة وإنما بالعقيدة. فالمؤمن يسلك نفس طريقة غير المؤمن في حيازة المال، وينسب الفضل في ذلك إلى ربه، بينما غير المؤمن يسلك الطريقة ذاتها، لكنه يكفر بالمصدر الذي جعل هذا المال وافرا ليحوز عليه.
السؤال: ما هو العلم الذي توافر عند قارون حتى استطاع من خلاله الحيازة على المال الوفير (الكنوز)؟
رأينا المفترى: نحن نفتري الظن بأن قارون كان عنده "علم الكنوز"، فما تحصل لقارون فهي الكنوز:
إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76)
ونحن نميل إلى الظن بأن الكنوز هي ما يمكن كنزه من المال. فالمال القابل للكنز يعتبر من الكنوز، أما الذي لا يمكن كنزه فهو ليس من الكنوز، ولعلنا نجزم الظن بأن ذلك ينحصر في ماديتين اثنتين وهما الذهب والفضة:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35)
نتيجة مفتراة من عند نفسي: الذهب والفضة هي الأموال القابلة لأن تكنز. انتهى.
السؤال: هل تعتبر الأموال النقدية الورقية (مثلا) من الكنوز؟
رأينا المفترى من عند أنفسنا: كلا وألف كلا، وذلك لسببين اثنين على الأقل.
أولا، ما يكنز من الذهب والفضة ولا ينفق في سبيل الله سيكون هو المادة التي سيحمى عليها في نار جهنم لتكوى بها جباه وجلود من يكنزونها ولا ينفقونها في سبيل الله، وهذا لا شك لا ينطبق على العملة الورقية التي نتعامل بها في أيامنا هذه.
ثانيا، أن قيمة هاتين المادتين لا يحدها الزمان ولا المكان. فالذهب والفضة هي كنوز قابلة للمبادلة والتداول في كل أصقاع الأرض، وعلى مر الزمان. فالذهب والفضة التي تداولت به الدولة المصرية القديمة والإغريقية والرمانية والصينية والهندية القديمة لازالت ذات قيمة سوقية معتبرة حتى في يومنا هذا. وهذا لا ينطبق (نحن نرى) على العملات الورقية والنقدية الأخرى. فما حاجتي أنا بعملة ورقية استخدمت في أحد الدول الإفريقية مثلا في القرن الثامن أو التاسع عشر؟ هل أستطيع الاستفادة منها في سوق الخضار المركزي في مدينتي التي أسكن فيها اليوم؟
نتيجة مفتراة: في حين أن كل عملات التداول الأخرى مضبوط قيمتها بعاملي الزمان والمكان، فإن الذهب والفضة (كعملات سوقية) غير مضبوطة بهذين العاملين.
السؤال: لماذا؟ لماذا يكون الذهب والفضة (على وجه التحديد) هي العملات السوقية التي تصلح لكل زمان ومكان؟ ما السر في هذين المعدنين النفيسين؟
افتراء من عند أنفسنا: نحن نظن أن هذه المعادن هي معادن نفيسة، وقد سميت كذلك لأن تأثيرها (نحن نرى) يكون منصبا على النفس. وهذا ما حاولنا تبيانه في بعض المقالات السابقة لنا.
السؤال: كيف ذلك؟
رأينا المفترى: نحن نظن أنه من الممكن فهم هذه القضية لو أدركنا بالفعل سر تأثير الذهب في الأنثى. لذا، دعنا نطرح هنا التساؤل التالي: ما المتعة التي تجنيها النساء من لبس الذهب والفضة؟
جواب مفترى: نحن نظن أن كل النساء تتمتع بلبس الذهب والفضة لما يدخله هذان المعدنان من تأثير إيجابي على نفسيتهما،
السؤال: لماذا تشعر النساء بالراحة عندما تلبس الحلي من الذهب والفضة؟
رأينا المفترى: نحن نفتري الظن بأن الجن (وخاصة الشياطين منهم) تهاب الذهب والفضة، لذا فهي تهرب من المكان الذي يتواجد به هذين المعدنين النفيسين. فلبس المرأة للذهب يؤدي إلى تحريرها من أذى الشيطان الذي يدخل الغم والهم على نفسيتها قبل لبس الذهب والفضة.
السؤال الأهم: لماذا توعد الله من يكنزهما ولا ينفقها في سبيل الله بأن يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجلودهم؟ هل إذا كنت صاحب مال، هل يعاقبني الله أنني ادخرت شيئا من مالي ولم أنفقه؟
جواب مفترى: إن في كنز الذهب والفضة وعدم إنفاقهما في سبيل الله تأثير سلبي كبير على حياة الناس العادية، وذلك لأن كنز هذين المعدنين يؤدي إلى أن تنشط حركة الشياطين، فيتمكنوا من إحداث الضرر للناس. فعندما يتم حجز الذهب والفضة عن السوق التجاري واستبدال ذلك بالعملات الورقية أو البلاستيكية (كالفيزا كارد) يؤدي إلى أن تنشط الشياطين في الأسواق، فما عاد هناك ما يصد من حركتها أو حتى تثبيطها.
باب: فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ
دعنا ندقق في الآيات الكريمة التي جاءت على لسان فرعون نفسه، قال تعالى:
وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53)
فنحن لا نتردد (كعادتنا) أن نخالف أهل الدراية في فهمهم لهذه الآيات الكريمة، لنطرح فهمنا البديل الذي لا يخلو - لا شك عندنا- من الغرابة. ففي هذه الآيات يعقد فرعون مقارنة بينه من جهة وإله موسى من جهة أخرى. فهو ينعت إله موسى بأربع صفات، ألا وهي:
- أنه مهين
- أنه لا يكاد يبين
- أنه قد ألقى عليه أسورة من ذهب
- أنه قد جاء معه الملائكة مقترنين
السؤال: كيف يمكن أن نفهم ذلك كله في سياق خطاب فرعون عن إله موسى؟
باب: مَهِينٌ
نحن نفتري الظن بأن مفردة المهين لها علاقة مباشرة بمفردة "هيّن" التي تأتي في الآية الكريمة التالية:
قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9)
قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا (21)
فالشيء الهين هو الذي لا يصعب إيجاده أو التعامل معه، فخلق يحيى مثلا هو عمل هَيِّنٌ على رب زكريا، وكذلك خلق المسيح هو عمل هَيِّنٌ على الله. وبهذا المنطق (نحن نظن ربما مخطئين) ينعت فرعون إله موسى، فيصفه على أنه مَهِينٌ، أي لا يصعب على فرعون (حسب ظن) مواجهته. لكن هذا المواجهة التي تسهل على فرعون (حسب ظنه) لازال يعيقها ثلاثة أمور:
- أنه إله لا يكاد يبين
- أنه قد ألقي عليه أسورة من ذهب
- أنه قد جاء معه الملائكة مقترنين
باب: وَلَا يَكَادُ يُبِينُ
ففرعون (نحن نفتري الظن من عند أنفسنا) يجد أن إله موسى لا يظهر بشكل كلي أو بشكل علني، بل يبقى (حسب ظنه) مخفيا ذاته.
السؤال: ما الذي يحجب هذا الإله فلا يجعله يبين؟
رأينا المفترى من عند أنفسنا: إنه الغمام، وذلك لأن الإله الحقيقي في ظلل من الغمام:
هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الامُورُ (210)
فكما أسلفنا في مقالات سابقة لنا، فإن ما يمنع الرؤية المباشرة للإله الحقيقي هو وجود الغمام الذي يحجب الرؤية. فموسى مثلا لم يستطيع أن يرى الله جهرة، وذلك لوجود الغمام. فعندما طلب موسى الروية المباشرة للإله:
وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ... (143)
كان الطلب الإلهي من موسى أن ينظر إلى الجبل:
... قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ... (143)
وهناك بالضبط تجلى الإله للجبل، فكان انكشاف الغمام الذي أحدث الصاعقة:
... فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)
وقد افترينا القول في أكثر من مقالة سابقة لنا بأن التجلي يحمل في ثناياه انكشاف الغمام الذي يحجب الرؤية المباشرة (من قبل الآخرين) للذت الإلهية.
لذا، عندما طلب الله من موسى وأخيه هارون الذهاب إلى فرعون، تلكأ الاثنان، فقالا:
قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى (45)
عندها جاء التطمين الإلهي لهما على النحو التالي:
قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46)
نتيجة مفتراة من عند أنفسنا خطيرة جدا: عندما ذهب موسى وهارون إلى فرعون كان الله معهما فعليا.
لذا، عندما جاءا فرعون في مكان لا يتواجد به إلا فرعون بمفرده، كان أول ما فعله موسى هو أنه قد أراه الآية الكبرى:
فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى (20)
لكن فرعون كذب وعصى، وما كان منه إلا أن يولي مدبرا، تاركا المكان كله، ذاهبا ليحشر الناس من حوله:
فَكَذَّبَ وَعَصَى (21) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22) فَحَشَرَ فَنَادَى (23)
السؤال: إلى أين أدبر يسعى؟
رأينا: نحن نظن أن فرعون قد تولى إلى ركنه ليجمع كيده، ثم يأتي:
فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى (60)
السؤال: لماذا؟ ما الذي دعا فرعون أن يتولى بركنه، فيجمع كيده ثم يأتي؟
فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39)
افتراء خطير جدا: نحن نظن أن فرعون قد شعر حينئذ أنه لا يواجه موسى وهارون وحدهما، وإلا لما كان فرعون مضطرا أن يترك المكان هو بنفسه، لكن عندما أحس فرعون (نحن نفتري الظن من عند أنفسنا) بوجود من هو معهما يسمع ويرى، أي الإله الحقيقي الذي يظن فرعون أنه ند حقيقي له. ما كان من فرعون إلا أن يدبر سعيا، فيحشر وينادي ثم يجمع كيده ويأتي، ظانا أن باستطاعته مواجهة إله موسى وهارون مواجهة حقيقية، لكن كان ما يعيق حصول هذه المواجهة على أرض الواقع هو أن هذا الإله (حسب مفردات فرعون) لا يبين، مادام أن ظلل الغمام تعيق رؤيته المباشرة. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يتعداه إلى وجود عائقين اثنين آخران، وهما:
- أن إله موسى قد ألقي عليه أسورة من ذهب
- أن إله موسى قد جاء معه الملائكة مقترنين
باب: فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ
السؤال: كيف يمكن أن نفهم هذه العبارة (فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ)؟
بداية، نحن نظن بأن هذه العبارة تصور إله موسى كما حسبه فرعون نفسه، ففرعون يظن بأن ما يمنع المواجهة الفعلية مع إله موسى على أرض الواقع أيضا هو أن هذا الإله (حسب مفردات فرعون أيضا) قد ألقي عليه أسورة من ذهب. وهنا نود التأكيد على أن مفردة (أَسْوِرَةٌ) هي مفرد كلمة أَسَاوِرَ التي ترد في السياقات القرآنية التالية:
أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)
إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23)
جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33)
عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21)
فالإله الذي كان مع موسى وهارون في أرض مصر قد أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ، فكان ذلك بمثابة "السور أو الحاجز" الذي يمنع الاقتراب منه، وخاصة الجن بمن فيهم الشياطين. ففرعون يظن بأنه لو لم يلقى على هذا الإله الذي لا يكاد يبين أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ لأصبحت المواجهة ممكنة. ونحن نتجرأ على الظن بأن فرعون كان يعتقد جازما أن لديه من الجنود ما يمكنه من مواجهة من لم يلق عليه أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ حتى وإن كاد لا يبين، لأن جنوده من الجن ستتكفل له القيام بالمهمة وعلى رأسهم زعيم الجن هامان مع جنوده. لكن هذه المواجهة الفرعونية مع إله موسى باستخدام الجن غير ممكنة مادام أن الطرف الآخر قد ألقي عليه أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ.
السؤال: لماذا؟
رأينا المفترى من عند أنفسنا: نحن نفتري القول بأن الجن تهاب الذهب، لأن بريقه تنزل عليهم كالسهام القاتلة. والتفسير الأولي البسيط لذلك هو أن اللون الأصفر (لون الذهب) هو لون دافئ، بينما لون الشياطين هو لون أزرق يتصف بالبرودة. ولو ضربت الشياطين الزرقاء بالأصفر لأدى ذلك إلى اندماج اللونين، ونتج عن ذلك لون أخضر (وهو اللون الذي تظهر به الشياطين المقتولة). وهذا ما سنتعرض له لاحقا إن شاء الله متى ما أذن الله لنا بشي من علمه فيها، كما سنتعرض إلى كيفية صد خطر الشياطين باستخدام هذه المعادن النفيسة (الذهب والفضة) خاصة في الطب والتشافي من الأمراض، وهي التقنية التي كان يجيدها فرعون، فالله وحده أسأل أن يعلمني ما لم أكن أعلم وأن يهديني لأقرب من هذا رشدا وأن يزدني علما، إنه هو العلي الكبير – آمين.
إن ما يهمنا طرحه هنا هو افتراء القول بأن الجن (وخاصة الشياطين منهم) تحاول لبد الذهب حتى لا يصل إلى أيدي الناس، فيكون بيدهم سلاحا فعالا ضد الجن. ومن هذا الباب جاء قول فرعون:
يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُّبَدًا (6)
فقد كان فرعون قادرا على الوصول إلى المال الملبود (أي المال الذي يرصده الجن)، وهي الكنوز الدفينة. فاستخدمها أمثل استخدام في صد خطر الجن، لا بل والسيطرة عليهم كسيطرته على زعيم الجن هامان (للتفصيل انظر مقالاتنا السابقة).
ففرعون إذن يدرك (حسب منطقنا المفترى هذا) بأن المواجهة الفعلية مع إله موسى غير ممكنة بشخصه لأن إله موسى لا يكاد يبين، كما يدرك أن المواجهة معه باستخدام جنوده من الجنود أيضا غير ممكنة لأن هذا الإله قد ألقي عليه أسورة من ذهب. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يجد أيضا أن المواجهة متعذرة باستخدام الوسائل الأخرى (كأدوات الحرب الفعالة) وذلك لأن الإله قد جاء معه الملائكة مقترنين:
- أن إله موسى قد جاء معه الملائكة مقترنين
باب: أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ
السؤال: ما معنى هذه العبارة (أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ)؟
نحن نظن أن هذه العبارة تصور الكيفية التي يأتي بها الملائكة مع الله الذي هو أصلا في ظلل من الغمام:
هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الامُورُ (210)
ولعنا نتجرأ على الظن بأن تلك الكيفية هي حالة الاقتران، الذي هو عبارة عن نوع من أنواع العلاقات بين الكينونات. فعندما يحصل الاقتران يكون التزاوج مرتبا على الأقل خطيا، فتعريف الاقتران الكوني في علم الفلك هو ما يمكن استنباطه من التعريف التالي الذي وجدناه في موسوعة الويكيبيديا:
"في علم الفلك يطلق لفظ الإقتران عندما يجتمع جرمان من أجرام النظام الشمسي بحيث يكونا على نفس خط الطول السماوي او يكون لهما نفس المطلع مستقيم"
فالملائكة يصطفون بشكل اقتراني، بحيث يشكلون خطوط دفاعية لا يمكن اختراقها. لذا، وجد فرعون بأن منازلة الإله بأدوات الحرب التي يملكها غير ممكنة مادامت الملائكة قد جاءت مع الله مقترنين.
نتيجة مفتراة 1: المواجهة الشخصية بين فرعون من جهة وإله موسى من جهة أخرى غير ممكنة وذلك لأن هذا الإله لا يكاد يبين
نتيجة مفتراة 2: المواجهة مع هذا الإله باستخدام نفوذ فرعون على الجن (وخاصة الشياطين) غير ممكنة وذلك لأن الإله قد أقي عليه أسورة من ذهب
نتيجة مفتراة3: المواجهة مع هذا الإله باستخدام أدوات الحرب غير ممكنة وذلك لأن هذا الإله قد جاء معه الملائكة مقترنين
وللحديث بقية
جواب مفترى: هذا ما ستناوله بالتفصيل بحول الله وتوفيق منه في الجزء القادم من هذه المقالة إن أذن الله لنا بشيء من علمه فيها، فالله وحده أسأل أن يعلمني، وأن يزيدني علما، وأن يهدين لأقرب من هذا رشدا. وأعوذ به وحده أن أكون ممن يفترون عليه الكذب أو ممن يقولون عليه ما ليس لهم بحق، وأعوذ به أن يكون أمري كأمر فرعون، إنه هو العليم الحكيم – آمين.
المدّكرون: رشيد سليم الجراح & علي محمود سالم الجراح
بقلم د. رشيد الجراح
13 تموز 2018