لماذا نصلي خمس مرات في اليوم والليلة؟ الجزء السادس
فقه الصلاة – الجزء السادس
حاولنا في
الجزء السابق من هذه المقالة تدبر مفردة السجود وحالاتها المتعددة مثل السجود
(كسجود النجم والشجر) والوقوع سجدا (كما في حالة الملائكة الذين وقعوا لآدم
ساجدين) والخرور ساجدين (كما في حالة إخوة يوسف) والإلقاء سجدا (كما في حالة السحرة).
وذهب بنا النقاش بعيدا إلى قصة الجسد الذي ألقي على كرسي سليمان، فافترينا الظن من
عند أنفسنا بأن ذلك الجسد الذي ألقي على كرسي سليمان هو السامري نفسه (بعد أن أصبح
جسدا بسبب تلك القبضة التي قبضها من أثر الرسول)، وظننا أنه قد نبذها وراء ظهره،
وكان ذلك سببا في تحوله من جسم يأكل الطعام غير خالد إلى جسد خالد لا يأكل الطعام.
وكان
افتراؤنا الخاص بالصلاة أن في الصلاة الحركية التي نقيمها قيام وركوع وسجود، وظننا
أن تلاوة الآيات تكون في حالة القيام:
لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ
يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113)
بينما
التسبيح باسم ربنا العظيم وتسبيحنا باسم ربنا الأعلى تكون في حالتي الركوع والسجود:
قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ
الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ
سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا
لَمَفْعُولاً (108)
نتيجة مفتراة 1: نقرأ في القيام
بفاتحة الكتاب ونتلوا آيات الله
نتيجة مفتراة 2: نسبح بحمد ربنا
العظيم في الركوع
نتيجة مفتراة 3: نسبح بحمد ربنا
الأعلى في السجود
والآن دعنا ننتقل بالنقاش إلى الأقوال
الأخرى التي يجب أن ترد في صلاتنا، ولنبدأ بما يسمى بالتشهد وما يسمى بالصلاة
الإبراهيمية في الصلاة.
باب التشهد
والصلاة الإبراهيمية: رؤية جديدة
تعرضنا في مقالات سابقة لنا للحديث
عن الصلاة الإبراهيمية، وحاولنا تسويق رؤيتنا المفتراة من عند أنفسنا عن كيفية الصلاة
الإبراهيمية، ومن أراد التعرف على وجهة نظرنا بشيء من التفصيل، فليرجع إلى تلك
المقالات. أما الآن، فإننا سنتحدث عن فكرة الجلوس للتشهد والصلاة الإبراهيمية في
سياق بحثنا هذا، وسنبدأ بالجزء الأول وهو الجلوس للتشهد التي وردتنا صيغته من عند
أهل الدراية كما نقلها لنا أهل الرواية في أصح رواياتهم على النحو التالي:
التحيات المباركات
الصلوات الطيبات لله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله.
السؤال الأول: ما هذه البداية التحيات المباركات الصلوات الطيبات؟ وما معنى ذلك؟ ألا ترى - عزيزي
المؤمن المصلي- أنك تردد كلمات ربما يغلب عليها طابع السجع غير المفهوم؟ وهل وجدت
يوما أن أهل العلم قد أفهموك لم هي على هذا النحو؟ من يدري؟!
جواب مفترى: لو رجعت إلى تفسيرات
أهل العلم لوجدت فيها العجب، وهو ما لا نريد الخوض فيه. لكن يكفينا أن نسجل القول
(مفترينه من عند أنفسنا) بأن هذه – برأينا- ليست أكثر من خدعة لتظليل الناس عن
الهدف من التشهد في آخر الصلاة. فهذه – برأينا- واحدة من أساليب التعمية التي تغلب
على مؤلفات أهل العلم الذين ما انفكوا يوما يوهمون الناس بأنهم يعلمون ما لا يعلم
غيرهم. وأن عندهم من العلم المكنوز ما لا يستحق العوام من الناس أن يطلعوا
عليه.
السؤال: إن صح ما تقول، فكيف يكون
التشهد للصلاة؟ ربما يرد صاحبنا قائلا.
جواب مفترى: نحن نفتري القول بأن
التشهد هو شهادة بوحدانية الله. وكفى.
السؤال: وكيف يكون ذلك التشهد؟
رأينا: لو تفقدنا الجلوس في نهاية
الصلاة لوجدنا أنها مقسومة إلى قسمين رئيسيين هما:
1. التشهد
2.
الصلاة الإبراهيمية
السؤال: كيف يمكن أن نفهم ذلك؟
رأينا: نحن نظن أن التشهد هو خاص
بالله وحده، أما الصلاة الإبراهيمية فهي دعاء خاص بالنبي وأهل بيته، أليس كذلك؟
ولو دققنا في فعل الصلاة نفسه أكثر،
لوجدنا أن التشهد يكون في الجلوس الأول في الصلاة الرباعية وفي الجلوس الثاني في
الصلاة الثلاثية كصلاة المغرب والصلاة الرباعية كصلاة الظهر والعصر والعشاء. بينما
الصلاة الإبراهيمية لا تكون إلا في الجلوس الأخير للصلاة بغض النظر عن عند
ركعاتها، أليس كذلك؟
السؤال: لماذا؟
رأينا المفترى: نحن نظن أن التشهد
هو إقرار الشهادة لله وحده. أما الصلاة الإبراهيمية فهي لا تكون إلا في الجلوس
الأخير (سواء كانت الصلاة ثنائية أو ثلاثية أو رباعية) وذلك لهدف الخروج من الصلاة.
السؤال: ما تبعات هذا الفهم؟
افتراءات خطير جدا جدا: نحن نفتري
القول من عند أنفسنا بأن التشهد يجب أن يكون خالصا لله وحده، فلا ذكر لأحد معه حتى
وإن كان محمد نفسه. انتهى.
السؤال: وكيف ذلك؟
رأينا المفترى: أعتقد أن التشهد يجب
أن يكون مبنيّا على العقيدة التي مفادها أنك تجلس في الصلاة بعد كل ركعتين لتشهد
لله علانية بأنه هو الإله الواحد الذي لا شريك له، ولا يجب أن تأتي على ذكر غيره
في هذا الجزء من الصلاة.
أما الحديث عن النبي محمد، فيجب أن
يبدأ في الجزء الثاني المُسمى بالصلاة الإبراهيمية، لذا، نحن نتجرأ على افتراء الظن
بأنه لا يجب أن تأتي على ذكر محمد إلا في ذلك الجزء من الصلاة، وكفى.
افتراء (1): الجلوس للتشهد يجب أن
يكون خالصا لله وحده
افتراء (2): الصلاة الإبراهيمية هي
دعاء خاص بالنبي وأهل بيته
نتيجة مفتراة من عند أنفسنا: نحن
نظن أن عقيدة المؤمن الذي يصلي لربه ويجلس في نهاية الصلاة يجب أن تكون مبنية على
الاعتقاد بأن ذلك الجزء مقسوم إلى قسمين، في القسم الأول (المسمى بالتشهد) تفرد
الحديث فيه لله وحده فلا تذكر معه غيره:
قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي
وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ
أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ
قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (19)
ولا
يقتصر ذلك النهي على أن تدعو مع الله آلهة أخرى، وإنما أن تدعو مع الله أحدا:
وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا
(18)
نتيجة مفتراة من عند أنفسنا: لا
يجوز أن ندعو مع الله أحدا خاصة في العبادات التي نؤديها في المساجد.
أما في القسم الثاني (المسمى بالصلاة
الإبراهيمية) فهو دعاء بالصلاة والسلام على محمد والدعاء بالبركات على أهل بيت
محمد. انتهى.
السؤال: لماذا يجب إفراد الحديث لله وحده في التشهد؟
جواب مفترى: نحن نظن أن الهدف من
ذلك هو إقرارك العلني بعدم الإشراك بالله بأي طريقة كانت خاصة في المساجد التي هي
أصلا لله:
وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا
(18)
السؤال: لماذا؟
جواب مفترى: لكي تكون من المسلمين؟
السؤال: ومن هو المسلم؟
جواب: نحن نظن أن المسلم لا يكون
مسلما إلا أن يشهد لله بالوحدانية.
السؤال: وماذا عن الشهادة لمحمد
بالرسالة؟
جواب مفترى خطير جدا جدا: نحن نفتري
القول أن الشهادة لمحمد بالرسالة ليست من شروط الإسلام، انتهى.
السؤال: ما معنى ما تقول؟ لم أفهم
قصدك؟ يرد صاحبنا مستغربا.
جواب مفترى خطير جدا: أنا افتري
القول أن الشخص (أي شخص) يدخل الإسلام بمجرد الشهادة لله بالوحدانية حتى وإن لم
تشهد لمحمد بالرسالة. انتهى.
السؤال: هل جننت يا رجل؟ ما الذي
تقوله؟ ألا ترى أنك ذهبت إلى أبعد مما يجب؟ ربما يرد القارئ وهو يكاد يشاط غضبا.
جواب: تمهل قليلا عزيزي القارئ،
وحاول أن تتدبر ما نقول بعد أن نسوق لك ما نظن أنه دليل يثبت افتراءنا هذا.
السؤال: وأين الدليل على ما تقول؟
جواب مفترى: نحن نظن أن علينا
الرجوع إلى كل آيات الكتاب الحكيم التي ستعيننا (بما نفهمه منها طبعا) على الخروج
بتعريف أكثر دقة مما عرفناه من عند أهل العلم عن الشخص الذي يمكن أن يسمى مسلما. فنحن
بحاجة أن نطرح السؤال الآن على النحو التالي: من هو المسلم؟
رأينا المفترى: دعنا نبدأ النبش في
كتاب الله عن هذه اللفظة لنرى كيف يمكن استنباط التعريف من مجملها.
أما بعد،
أولا، نحن نعلم يقينا بأن الدين عند الله هو الإسلام، أليس كذلك؟
إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19)
ثانيا: ونحن نعلم يقينا أيضا بأن إبراهيم هو الذي سمّانا المسلمين:
وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)
ثالثا: ونحن على العقيدة الراسخة أن الله هو من أتمم علينا نعمته ورضي لنا الإسلام دينا، أليس كذلك؟
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ۚ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ۗ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ۚ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (3)
إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19)
ثانيا: ونحن نعلم يقينا أيضا بأن إبراهيم هو الذي سمّانا المسلمين:
وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)
ثالثا: ونحن على العقيدة الراسخة أن الله هو من أتمم علينا نعمته ورضي لنا الإسلام دينا، أليس كذلك؟
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ۚ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ۗ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ۚ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (3)
رابعا: ونحن نعلم بأن الله هو من بيّن لنا أنه لن يقبل ممن يبتغي غير
الإسلام دينا:
وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ
وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)
فلقد كان إبراهيم وذريته من بعده مسلمين:
مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67)
وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132)
أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133)
وعلى ذلك الدين اختار يوسف أن يموت:
رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)
وكذلك كان موسى وهارون ومن آمن معهم:
وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ (84)
وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا ۚ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126)
وكذلك كان داوود وولده سليمان وكل من آمن معهما:
أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31)
قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38)
فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَٰكَذَا عَرْشُكِ ۖ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ۚ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42)
وكذلك كان الحواريون:
وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111)
وكذلك كان محمد وصحبه الصادقين:
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)
وكذلك كان جميع رسل الله:
قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136)
قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84)
وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90)
وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46)
خامسا: نحن نفتري القول بأن هذا هو الدين الذي هدى الله إليه محمدا (وهي ملّة إبراهيم)
قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)
فلقد كان إبراهيم وذريته من بعده مسلمين:
مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67)
وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132)
أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133)
وعلى ذلك الدين اختار يوسف أن يموت:
رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)
وكذلك كان موسى وهارون ومن آمن معهم:
وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ (84)
وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا ۚ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126)
وكذلك كان داوود وولده سليمان وكل من آمن معهما:
أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31)
قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38)
فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَٰكَذَا عَرْشُكِ ۖ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ۚ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42)
وكذلك كان الحواريون:
وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111)
وكذلك كان محمد وصحبه الصادقين:
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)
وكذلك كان جميع رسل الله:
قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136)
قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84)
وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90)
وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46)
خامسا: نحن نفتري القول بأن هذا هو الدين الذي هدى الله إليه محمدا (وهي ملّة إبراهيم)
قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)
فكان
محمد مأمورا أن يكون بنفسه أول المسلمين:
قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12)
وهذه – لا شك – عندنا هي العقيدة الأحسن:
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)
تساؤلات مهمة جدا
قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12)
وهذه – لا شك – عندنا هي العقيدة الأحسن:
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)
تساؤلات مهمة جدا
-
إذا
كان الدين عند الله هو الإسلام، فكيف كان من جاءوا قبل محمد زمنيا مسلمين؟
-
فإذا
كان إبراهيم هو من سمّانا كذلك، فكيف شهد لمحمد بالرسالة؟
-
فهل
كان من واجبات إسلام إبراهيم أن يشهد لمحمد بالرسالة، وهو الذي دعا ربه أن يبعث في
هذه الأمة رسولا من أنفسهم؟
-
وإذا
كان رسل الله جميعا مسلمين كنوح وإسماعيل وإسحق وموسى وغيرهم، فهل شهد هؤلاء لمحمد
بالرسالة؟
-
وهل
كان من متطلبات إسلامهم أن يشهدوا لمحمد بالرسالة؟
-
وإذا
كان يوسف قد طلب من ربه أن يتوفاه مسلما، فهل شهد لمحمد بالرسالة حتى أصبح كذلك؟
-
وإذا
كان الحواريون (أنصار الله وتلاميذ المسيح عيسى ابن مريم) قد أشهدوا ربهم بأنهم
مسلمين، فهل شهدوا هم أيضا لمحمد بالرسالة؟
-
الخ
نتيجة مفتراة من عند أنفسنا (1): إن
الدين منذ أن خلق الله الخلائق كلهم هو الإسلام
نتيجة مفتراة من عند أنفسنا (2):
كان هناك مسلمون في كل زمان حتى قبل مجيء محمد بالرسالة
نتيجة مفتراة من عن أنفسنا (3): كان
محمد متبعا لملة إبراهيم وهي الإسلام
نتيجة مفتراة من عند أنفسنا (4): لم
يبدأ الإسلام بمجيء محمد وذلك لأن الذين سبقوه كانوا أيضا مسلمين
نتيجة مفتراة خطير جدا جدا: الإسلام
هو الشهادة لله بالوحدانية وكفى.
السؤال: وأين تندرج الشهادة لمحمد
بالرسالة؟
جواب مفترى من عند أنفسنا: نحن نظن
أن الشهادة لمحمد بالرسالة تقع في باب الإيمان فقط:
آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ
وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ
نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا
غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ
وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن
قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ
وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا (136)
وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ
الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ
(19)
فالإيمان بمحمد هو جزء من الإيمان
بالرسل، وذلك لأن محمد ليس أكثر من رسول من رسل الله:
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ
أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ
عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ
(144)
فالإيمان بمحمد هو كالإيمان
بإبراهيم وموسى وعيسى ونوح وجميع رسل الله، فعقيدة المؤمن الصحيحة يجب أن تكون
(نحن نفتري القول) مبنيّة على عدم التفريق بين رسل الله:
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن
يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ
بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (150)
وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ
أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللّهُ
غَفُورًا رَّحِيمًا (152)
فأنا أؤمن بمحمد كإيماني بنوح
وإبراهيم وموسى وعيسى وجميع رسل الله، ولا أفرق بين أحد منهم، لأن الذي يفرق بين
رسل الله هو من أراد التفريق بين الله ورسله، وهذه لا تعدو أكثر من عقيدة الذين
كفروا. انتهى.
لكني في الوقت ذاته، أؤمن يقينا بأن
بعض الرسل مفضلين على بعض:
تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن
كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ
الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ
الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ
اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا
اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253)
السؤال:
كيف إذن يمكن التوفيق بين عدم التفريق بين الرسل وفي الوقت ذاته نؤمن بأن بعض
الرسل مفضلين على بعض؟
جواب
مفترى من عند أنفسنا: نحن ننفي جملة وتفصيلا بأن التفضيل يحمل في ثناياه الخيرية،
فالجميع هم رسل الله ولا يجب التفريق بينهم، لكن التفضيل يحمل – برأينا – حجم
المسئولية الملقاة على عاتق كل رسل. ففي حين أن رسل الله سواسية في الخيرية، إلا
أن هناك رسل محددين ألقي على كاهلهم مسئولية أعظم من مسئولية الرسل الآخرين. ففي
حين أن يوسف رسول وإبراهيم رسول إلا أن التكليف الذي وقع على عاتق إبراهيم لا شك
عندنا أكبر بكثير من المسئولية التي ألقيت على كاهل يوسف الذي هو ليس أكثر من رسول
متبع لملة أبيه إبراهيم:
وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ
مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ
عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ (38)
ففي
حين أن إبراهيم كان رسولا مشرعا إلا أن يوسف كان رسولا متبعا. انتهى.
السؤال:
من هم الرسل المفضلين على بقية الرسل الآخرين؟
رأينا
المفترى: نحن نظن أن الرسل المفضلين هم أولي العزم من الرسل الذين جاء ذكرهم في
الآيات الكريمة التالية:
فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا
تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا
إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ
الْفَاسِقُونَ (35)
وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن
نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم
مِّيثَاقًا غَلِيظًا (7)
فهؤلاء الرسل (وهم محمد ونوح
وإبراهيم وموسى وعيسى) هم الرسل المفضلين لأنهم هم أصحاب الشرائع السماوية
الثابتة، وفيما عداهم هم جميعا رسل متبعين لشرائع هؤلاء الرسل المفضلين.
لذا، عندما نقرأ في كتاب الله
الآيات التالية، فيجب أن نفهم بأن تفضيل بني آدم على غيرهم كان بحجم المسئولية
الملقاة على عاتقهم مقارنة بغيرهم من خلق الله الكثير:
وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ
وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ
مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70)
وكذلك
هي الحال بالنسبة لبني إسرائيل الذين هم لا شك مفضلين على العالمين:
وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ
وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (16)
وذلك لأنهم مؤهلين أكثر من غيرهم
لذلك بما آتاهم الله من العلم:
أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي
إِسْرَائِيلَ (197)
فمادام أن في بني إسرائيل من شهد
الله لهم بنفسه أنهم علماء، فهم من تقع إذن على كاهلهم المسئولية الأكبر. لذا نحن
نفتري القول بأن هؤلاء محاسبون أما ربهم أكثر من غيرهم، مادام أن التكليف بحجم
الوسع:
وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ
يَنطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (62)
السؤال: ما علاقة هذا بفعل الجلوس
للتشهد بالصلاة؟
رأينا المفترى: نحن نظن أن فعل
التشهد في الصلاة هو فعل الغاية منه – برأينا- إقرار الوحدانية لله، فلا نشرك مع
الله أحدا.
السؤال: وما الغاية التي نرجوها من
ذلك؟
جواب: حتى نكون من المسلمين، أي ممن
أسلم وجهه لله حنيفا، فلا يشرك به شيئا، كما في الشكل التوضيحي التالي
الجلوس للتشهد في
الصلاة
|
||
الفعل
|
الغاية
|
|
الشهادة لله وحده
|
لنكون من المسلمين
|
السؤال: كيف يمكن تنفيذ ذلك على أرض
الواقع؟
جواب مفترى من عند أنفسنا: نحن نظن
أنه يجب علينا أن نشهد لله بالوحدانية بأفضل طريقة ممكنة.
السؤال: وما هي الطريقة الأفضل على
الإطلاق للشهادة لله بالوحدانية؟
جواب مفترى: لو أني قدمت لك – عزيزي
القارئ- طريقة من عندي، وزعمت بأنها هي الطريقة الأفضل، هل تقبل بها؟ وماذا لو
قدمت أنت طريقة أخرى من عندك وزعمت أنها هي الطريقة الأفضل؟ فهل تراني أقبل بها
أنا؟ وماذا لو زعمت أحدى الفرق الإسلامية أو بعض طوائفها بأنها تملك طريقة مثلى
للتشهد، فهل تقبل بها الفرق والطوائف الأخرى؟
جواب مفترى من عند نفسي: لعلي أكاد
أجزم الظن بأن أيّا منا لن يقبل بطريقة الآخر. فكل منا سيزعم أن طريقته هي المثلى
وأن طريقة غيره ليست صحيحة أو ربما يشوبها الغلط
(بالنقص أو بالزيادة أو بالتحريف).
السؤال: ما المخرج من هذا المأزق؟
جواب مفترى: نحن نظن أن المخرج
يتمثل بأن نجد طريقة نرضى بها جميعا. تحقق لنا الفعل والغاية، فنشهد لله بالوحدانية
بأحسن طريقة، وتتحقق الغاية بأن نكون من المسلمين.
السؤال: وأين سنجد هذه الطريقة التي
ننشدها جميعا؟
جواب مفترى: لعلي لا أتردد أن أقول
أننا نرضى جميعا بأن نحتكم إلى الله وحده. فهل ترضى - عزيزي القارئ - بالطريقة
الإلهية في التشهد؟ وهل أقبل أنا بالطريقة الإلهية لأشهد له بالوحدانية وأكون من
المسلمين؟ وهل نحن على استعداد أن نقبل جميعا بالطريقة الإلهية (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً)؟
وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ
اللّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً (122)
جواب مفترى: لعلي أكاد أجزم الظن
بأننا نرضى جميعا بالطريقة الإلهية متى ما وجدناها.
السؤال: وهل هناك طريقة إلهية
للتشهد أصلا؟ هل علّمنا الله الطريقة الأحسن للقرار له بالوحدانية، فنكون من
المسلمين؟
جواب مفترى : نعم، أظن أن هناك
طريقة إلهية للتشهد هي الأحسن وهي لا شك الأصدق، وهي التي جاءتنا من الله نفسه.
السؤال: وأين ذلك؟
جواب مفترى: لعلي أكاد أجزم الظن
بأن الآية الكريمة التالية تعلمنا التشهد الأحسن (الذي لا نقص ولا زيادة ولا تحريف
فيه)، قال تعالى:
شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ
وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ (18)
نتيجة مفترى من عند نفسي: هل تجد
عزيزي القارئ شهادة لله بالوحدانية أحسن من هذه الشهادة؟ هل يمكن لبشر أن يشهد لله
بالوحدانية بطريقة أحسن من شهادة الله نفسه؟ ألسنا من أصحاب العقيدة التي مفادها
"وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا"؟ ألا يجب أن نكون ممن يشهدون
على شهادة الله؟ ألسنا من أصحاب العقيدة التي مفادها (وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ)؟
ثم أليس هذا ما هو مطلوب منا أن نقر
به كمسلمين في كل عبادتنا:
قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ
الْمُسْلِمِينَ (163)
السؤال: ما الذي يجب أن يقوله المسلم
في جلوسه للتشهد الأول في نهاية كل ركعتين من الصلاة، وفي التشهد الثاني في نهاية
الصلاة، فيقر لله بالوحدانية ويكون من المسلمين؟
جواب مفترى من عند نفسي: أنا افتري
القول أن التشهد الأحسن يكون بالنطق بالشهادة كما جاءت في كلام الله:
شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ
وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ (18)
السؤال: كيف تصبح الصيغة للشهادة
كلها التي تحقق للمصلي إقرار الشهادة بالوحدانية لله وتحقق له بأن يكون هو من
المسلمين؟ هل هذا يكفي؟ هل نحن مأمورون أن نظيف قولا آخر غير هذا؟
رأينا المفترى من عند أنفسنا: دعنا
ندقق في الآيات الكريم التالي:
قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ
(163)
ألسنا إذن مأمورين بأن نردد هذا
القول الإلهي بدليل (قُلْ)؟ فمتى يجب علينا أن نردد ما أمرنا
به الله في هذه الآيات الكريمة؟
رأينا المفترى: نحن نظن أن ما يسمى
بالتشهد هو المكان الأفضل لترديد هذه الآيات، فتصبح الصيغة التالية هي –
برأينا- الصيغة الأمثل للقرار بالوحدانية
لله وبأننا من المسلمين:
شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ
وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ (18)
وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ.
... إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ
الْمُسْلِمِينَ (163)
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)
وفي هذه الحالة تكون قد شهدت لربك
الواحد الأحد الفرد الصمد بالوحدانية وامتثلت العبودية المطلقة له. فلا تأت على
ذكر أحد معه في ذلك. فتصبح الصورة – برأينا- على النحو التالي:
التشهد
|
|
شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ
وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ (18)
وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ.
... إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ
الْمُسْلِمِينَ (163)
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)
|
وما أن تنهي هذه الشهادة حتى تنتقل إلى الجزء الثاني في نهاية الصلاة وهي ما يسمى بالصلاة الإبراهيمية.
الصلاة الإبراهيمية: رؤية جديدة
ما أن تنتهي من الشهادة لربك
بالوحدانية والإقرار بالعبودية المطلقة له في الجزء الأول من الجلوس الأخير في
الصلاة حتى تنتقل إلى الجزء الثاني وهو المسمى بالصلاة الإبراهيمية عند العامة
وأهل الاختصاص على حد سواء. في هذا الجزء من الصلاة، أنت مأمور (نحن نفتري الظن من عند أنفسنا)
بأن تنفذ غايتين اثنتين وهما:
1.
الصلاة والسلام على النبي محمد امتثالا لقوله تعالى:
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)
2.
الدعاء بالبركات على أهل بيت محمد:
... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ
الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)
قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ
وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ (73)
والمقصود بأهل بيت النبي هن (نحن
نفتري القول) أزواجه اللاتي نزلت بحقهن هذه الآية الكريمة، وأقرأ عزيزي القارئ –
إن شئت- الآية كلها:
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ
الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ
أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)
لتكون الصورة كما هي في ذهننا على
النحو التالي:
نتيجة مفتراة (1): الدعاء بالصلاة
والسلام خاص بشخص النبي محمد فقط
نتيجة مفتراة (2): طلب البركات خاص
بأهل بيت النبي فقط
السؤال: كيف يمكن تنفيذ ذلك على أرض
الواقع؟
فقه الصلاة الإبراهيمية: باب
ما نتلفظ به من قول داخل الصلاة
أولا، تفنيد الفكر السائد
لنبدأ
القصة من أولها، فلقد اشتهر عند أهل العلم حول هذه الجزئية الحديثُ المرفوع إلى
النبي والمتفق عليه بين رواته التالي:
عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"صلُّوا كما رأيتموني أصلّي، وإذا حضرت
الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم"
لنطرح التساؤل
التالي على الفور:
إذا كان من هم حول النبي قد نقلوا لنا ما قام به النبي
من حركات في الصلاة (كالوقوف والركوع والسجود)، فكيف نقلوا لنا ما كان يتلفظ به محمد من أقوال داخل الصلاة؟ فهل كانت
صلاة النبي جهريّة بما فيها من أفعال وأقوال؟ فهل كان يسمع من هم حول النبي ما كان
يقول وهو واقفا؟ وهل كانوا يسمعون ما كان يقول وهو راكعا؟ وهل سمعوا ما قال وهو
ساجدا؟ وهل سمعوا ما قاله محمد في جلوسه للتشهد في الصلاة؟
السؤال مرة أخرى:
هل سمع من كان حول النبي كيف تلفظ محمد بالصلاة الإبراهيمية في التشهد الأخير
للصلاة؟ فهل قالها النبي الكريم على النحو الذي ألفناه من عند آبائنا:
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم
وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد
اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم
وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رأينا المفترى:
إن كان هذا نقلا صحيحا عن النبي، فدعني أثير التساؤلات التالية حوله.
أولا، على من
نسلم في نهاية الصلاة عندما نقول:
السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته
الفكر السائد:
لعل الجواب الشائع بين العامة (ربما بما فهموه من سادتنا أهل الدراية) أن المصلي
يسلم في نهاية صلاته على الملكين اللذين عن اليمين وعن الشمال. ولقد تجرأ بعضهم
على القول بأن أهل العلم قد استنبطوا ذلك من قوله تعالى:
إِذْ
يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ
عَتِيدٌ (18)
فهم يظنون
أن الذي على اليمين هو رَقِيبٌ وأن الذي على الشمال هو عَتِيدٌ، أليس كذلك؟
رأينا:
دعنا بداية نعلن صراحة مخالفتنا إياهم الرأي بالقول بأن عبارة رَقِيبٌ عَتِيدٌ تعود على كينونتين اثنين، وإنما هو – برأينا- كينونة
واحدة (رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، وذلك لأن "صيغة الترادف الثنائية" هذه قد وردت كثيرا في كتاب
الله، خاصة بحق الإله نفسه. فالله هو حفيظ عليم وهو عليم حكيم وهو لطيف
خبير، الخ. فهل يعني ذلك أننا نتحدث عن كينونتين اثنتين؟
جواب: كلا وألف
كلا، لأنه لو كان الحديث عن كينونتين اثنتين، لجاء اللفظ بصيغة العطف على نحو
(رقيب و عتيد)، ولأصبح تواجد حرف العطف بينهما أمرا لازما، ليعطف الثاني
على الأول كما في بداية الآية الكريمة نفسها:
إِذْ
يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17)
نتيجة مفتراة من عند أنفسنا:
نحن نظن أن الذي على اليمين وعلى الشمال هو كينونة واحدة وهو نفسه رَقِيبٌ عَتِيدٌ
. وربما يؤكد ظننا هذا ما جاء في الآيات الكريمة التالية:
وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23)
إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا
عَلَيْهَا حَافِظٌ (4)
نتيجة مفتراة مهمة جدا: نحن نفتري القول أن كل نفس
عليها حافظ واحد.
نتيجة مفتراة مهمة جدا: نحن نظن أن هذا الحافظ الموكل
بكل نفسه هو رقيب عتيد. انتهى.
إن الذي يهمنا من هذا النقاش بغض النظر عن عدد الذين
عن اليمين والشمال هو التساؤل التالي: لم نحتاج أن نلقي عليهم (حتى وإن كانوا
ملائكة) السلام في نهاية كل صلاة؟ أليس هم من يصلون ويسلمون علينا:
هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ
وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ
بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)
(دعاء: اللهم صل عليّ وملائكتك، وأدعوك وحدك أن تخرجني
من الظلمات إلى النور، إنك أنت الغفور الرحيم – آمين)
مفارقات مضحكة مبكية: لعلي أظن أن الأخطر من هذا هو أن
بعض سادتنا العلماء أهل الدراية قد أفهموا الناس أن إلقاء السلام على من هو على
اليمين واجب للخروج من الصلاة، ولكن إلقاء السلام على من هو عن الشمال غير واجب؟
فهل يعود هذا (نحن نسأل) إلى الظن بأن الذي على اليمين يكتب لنا الحسنات، لذا فهو
"طيب مليح"، بينما الذي على الشمال فهو غير ذلك لأنه يسجل علينا
سيئاتنا؟ من يدري!!!
رأينا الخطير المفترى من عند أنفسنا: نحن نظن أننا لا
نلقي السلام على ملائكة متواجدين عن يميننا ولا نلقي السلام على ملائكة متواجدين
عن شمالنا بغض النظر عن عددهم، فنحن لا نلقي عليهم السلام إطلاقا، ونعتقد جازمين
أن السلام الذي نلقيه عن اليمين وعن الشمال للخروج من الصلاة ليس له علاقة
بالملائكة إطلاقا. انتهى.
السؤال: على من نلقي السلام إذن للخروج من الصلاة؟
جواب مفترى من عند أنفسنا: نحن نفتري القول بأننا نلقي
السلام على محمد وأهل بيته كما نلقي السلام على إبراهيم وأهل بيته.
الدليل
أولا، نحن لا نحتاج أن نلقي السلام على الملائكة
إطلاقا لأن الملائكة هم من يصلوّن علينا:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا
اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ
الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ
الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)
فنحن مطالبون أن نذكر الله، ومطالبون أن نسبحه، وهو
بالمقابل من يصلي علينا وملائكته.
ثانيا، لو تدبرنا ما يسميه أهل العلم بالصلاة
الإبراهيمية، لوجدنا أنها تتحدث عن محمد وعن إبراهيم كما تتحدث عن أهل محمد وعن
أهل إبراهيم، ولنعيدها هنا مرة أخرى كما تعلمناها في المدارس على أيدي أهل الرواية
كما علمهم إياها أهل الدراية:
اللهم صلي
على محمد وعلى آل محمد
|
كما صليت على
|
إبراهيم وعلى
آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد
|
|
اللهم بارك
على محمد وعلى آل محمد
|
كما باركت
على
|
إبراهيم وعلى
آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد
|
|
السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
|
||
السؤال: إذا كان الحديث كله
منصبا منذ البداية على محمد وعلى آل محمد (كما يريدون) وعلى إبراهيم وعلى آل
إبراهيم (كما يريدون)، فلم هذا الانتقال العجيب في النهاية للسلام على الملائكة عن
اليمين وعن الشمال؟
رأينا: نحن نظن أن الحديث يجب
أن يكون متناسقا مادام أنه دعاء نرجو من الله أن يحققه، فمادام أن الشطر الأول (أو
الصدر بلغة أهل الشعر) يتحدث عن محمد وعن آل بيت محمد فإن السلام الأول يجب أن
يكون على هؤلاء. ومادام أن الشطر الآخر (أو العجز بلغة أهل الشعر) يخص إبراهيم وآل
إبراهيم، فإن السلام الثاني يجب أن يكون على هؤلاء. فنحن نسلم على محمد وأهل بيت
محمد كما نسلم على إبراهيم وعلى أهل بيت إبراهيم فقط، ولا دخل للرقيب العتيد في
ذلك.
ثالثا، لو تفقدنا تلك الصلاة
كما ألفناه من عند أهل العلم لوجدنا فيها العجب العجاب، وأخص بالذكر هنا نهايتها
في عبارة إنك حميد مجيد. فلعل الذي لفت انتباهي إلى هذه القضية برمتها هو
أننا كمسلمين على اختلاف طوائفنا لا نختلف في هذه العبارة على وجه التحديد، ولكن
لماذا؟
رأينا الخطير جدا: لأنها هي
العبارة الوحيدة الصادقة في هذه الصلاة المنقولة إلينا برمتها، فهي العبارة التي
نظن أنه لم يعتريها التحريف من عند أهل العلم. ولكن كيف ذلك؟
جواب: نحن نستغرب لم بقيت تلك
العبارة على حالها؟ لم لا يقول بعضنا في نهاية صلاته إنك حميد حكيم أو إنك
عليم حكيم أو إنك لطيف خبير، أو إنك سميع بصير، الخ. أليست
الأسماء الحسنى جميعها لله؟
قُلِ
ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ
الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا
وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (110)
فما بالنا لا
ندعو ببعضها في كل مرة نود الخروج من صلاتنا؟ لم نتمسك بهذه العبارة (إنك حميد
مجيد) على وجه التحديد في نهاية الصلاة الإبراهيمية؟
رأينا المفترى: إن
صح منطقنا المفترى من عند أنفسنا، فإننا نظن أن هذه العبارة وحدها ستروي لنا قصة
الصلاة الإبراهيمية كلها منذ بدايتها، وستكشف لنا (بحول الله وتوفيق منه) عن كل
التحريفات التي خطها بعض أهل العلم ربما عن قصد مسبق وربما عن جهل فاضح، ولحق بهم
الكثيرون منهم عن غير قصد، غير متنبهين للتبعات الجمّة لذلك على العقيدة برمتها.
فهذا ما سنفتريه من قول من عند أنفسنا، سائلين الله وحده أن يهدينا رشدنا، وأن
يؤتينا رحمة من عنده وعلما من لدنه، فلا نفتري عليه الكذب، إنه حميد مجيد - آمين
أما بعد
قصة الصلاة
الإبراهيمية: من أين جاءت
افتراء من عند
أنفسنا: نحن نظن أن الصلاة الإبراهيمية قد جاءت عندما شعر النبي محمد ببعض الضيق
بسبب بعض ما أنزل إليه من ربه، فأخذ يدعو بهذا الدعاء في نهاية صلاته ليحصل على ما
لم يتمكن من الحصول عليه من قبل، وليتأتى له ولأهل بيته ما كان الله قد آتاه لغيره
(وهو إبراهيم على وجه التحديد وأهل بيت إبراهيم). فكيف ذلك؟
أولا: نحن نجد أن
أول دليل يأتي من الحقيقة الثابتة التي تظهر من مجمل تلك الصلاة (الدعاء) وهو
محاولة النبي محمد التشبه بإبراهيم، فإلى الذين يظنون أن محمدا هو سيد الخلق
أجمعين، فعليهم أن يجيبونا على التساؤل التالي: لما يدعو محمد أن يُصلّي الله عليه
كما صلى على إبراهيم؟
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في
العالمين إنك حميد مجيد
ولم يدعو محمد أن
ينزل الله بركاته عليه وعلى آل بيته (كما يرغب أهل الدراية) بنفس الطريقة التي تمت
المباركة فيها على إبراهيم وعلى أهل إبراهيم.
اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في
العالمين إنك حميد مجيد
رأينا: ربما لا
يخفى على الصغير (قبل الكبير) وعلى طالب العلم (قبل الذي أمسك بناصيته) بأن المشبه
(محمد) لم يتحصل على ما كان للمشبه به (إبراهيم). وإلاّ لانتفت الحاجة إلى عقد
المقارنة أصلا (للتفصيل انظر سلسلة مقالاتنا تحت عنوان لماذا قدم نبي الله لوط بناته بدلا من ضيوفه؟ خاصة الجزء الثالث عشر والرابع عشر)
السؤال ما الذي
كان لإبراهيم ولم يكن لمحمد حتى يجهد محمد نفسه في طلبه؟ وبكلمات أكثر دقة، نحن
نسأل: ما الذي كان لأهل إبراهيم ولم يكن لأهل محمد حتى يجهد محمد في طلبه؟
جواب مفترى من
عند أنفسنا: نحن نظن أن الفرق بين محمد وأهله من جهة وإبراهيم وأهله من جهة أخرى
هو ما تصوره الآيتان الكريمتان التاليتان، حيث تتحدث الأولى عن ما تحصل لإبراهيم
وأهله وتتحدث الثانية عن ما كان متحصلا لمحمد وأهله:
قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ
اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ (73)
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ
الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ
أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)
الاستنباطات
1.
لو تدبرنا الآيتين الكريمتين، لوجدنا أنهما تتحدثان عن إبراهيم وعن محمد
2.
لو تدبرنا الآيتين الكريمتين، لوجدنا أنهما تتحدثان عن أهل بيت إبراهيم
وعن أهل بيت محمد
3.
لو تدبرنا الآيتين الكريمتين، لوجدنا أنهما تتحدثان عن نساء هؤلاء
الأنبياء
4.
لو تدبرنا الآيتين الكريمتين، لوجدنا أن رحمت الله وبركاته قد نزلت فعلا
على أهل بيت إبراهيم
5.
لو تدبرنا الآيتين الكريمتين، لوجدنا أن رحمت الله وبركات لم تنزل على أهل
بيت محمد
6.
لو تدبرنا الآيتين الكريمتين، لوجدنا أن ما كان يمكن أن يتحصل لمحمد لم
يتحصل فعلا لأنه كان في طور الإرادة الإلهية ولم يتنقل إلى مرحلة القول الإلهي (أي التنفيذ الفعلي). للتفصيل حول إرادة الله وقول الله انظر مقالتنا تحت
عنوان مقالة في التسيير والتخيير التي فحواها الآية الكريمة التالية:
إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ
لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)
حيث التمييز بين
إرادة الله وقول الله، مفترين الظن بأن الأمور لا تتحقق بإرادة الله وإنما تتحقق
فقط متى ما صدر قول الله بحقها.
السؤال: ما علاقة
هذا كله بمحمد وأهل بيته وإبراهيم وأهل بيته؟
جواب مفترى من
عند أنفسنا: نحن نفتري القول بأن النتيجة يمكن أن
نستنبطها من هذه الآيات الكريمة (إن كان منطقنا صحيحا) هي أن رحمت الله وبركاته قد
صدر قول الله فيها بحق أهل بيت إبراهيم:
قَالُواْ
أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ
أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ (73)
ولكن مثل هذا
القول الإلهي لم يصدر بحق أهل بيت محمد وبقي الأمر في طور الإرادة الإلهية لهم:
وَقَرْنَ
فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى
وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)
ونحن نظن بأنه لما تحققت الرحمة والبركات الفعلية لأهل إبراهيم، جاء في
نهاية الآية نفسها قوله تعالى (إِنَّهُ
حَمِيدٌ مَّجِيدٌ)، فنحن لم نجد هذه العبارة في كتاب الله إلا في هذه
الآية الكريمة التي تتحدث عن رحمت الله وبركاته على أهل بيت إبراهيم:
قَالُواْ
أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ
أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ (73)
ولكن – بالمقابل- نحن نظن بأنه لما لم يصدر قول الله بالرحمة والبركات بحق
أهل بيت محمد، وبقيت في طور الإرادة الإلهية، لم تأت هذه العبارة (إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ) في نهاية الآية التي
تتحدث عن أهل بيت محمد:
وَقَرْنَ
فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى
وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)
الصلاة
الإبراهيمية الحكاية التي لم تروى: افتراءات من عند أنفسنا
نحن نظن (مفترين القول من عند أنفسنا) أن قصة الصلاة الإبراهيمية قد حصلت على النحو التالي: ينزل على قلب محمد قرآنا يتلى يبين بشكل لا لبس فيه ما
حصل في بيت إبراهيم، فها هم الملائكة
الذين جاءوا رسلا من ربهم معذبين لقوم لوط يصلون أولا إلى بيت من كان الله قد أراه
ملكوت السموات والأرض، وهو إبراهيم:
وَكَذَلِكَ
نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ
الْمُوقِنِينَ (75)
فهم الآن (نحن
نتخيل) في بيت إبراهيم ضيوفا ربما لإخباره بما سيحصل بقوم لوط قبل إنزال العذاب
الذي جاء به أمر ربهم:
قَالَ
فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (57) قَالُواْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ (58)
وفي ذلك اليوم
بالذات تأتي البشرى إبراهيم بإسحق:
وَبَشَّرْنَاهُ
بِإِسْحَقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ (112)
وتتعجب امرأته
التي كانت قائمة من الأمر:
قَالَتْ
يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا
لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72)
فما يكون من
الملائكة (رسل ربها) إلاّ أن تزفّ لها الخبر العظيم بأن رحمت الله وبركاته قد نزلت على أهل هذا
البيت الطاهر:
قَالُواْ
أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ
أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ (73)
انتهت حكايتنا
بالنسبة لإبراهيم. فما الذي حصل بالنسبة لبيت محمد؟
افتراء من عند
أنفسنا: ما أن ينزل هذا القرآن الذي يخص إبراهيم وأهل بيته على قلب محمد حتى يبقى
محمد يدعو ربه خوفا وطمعا، رغبا ورهبا، أن ينزل على أهل بيته من الرحمت والبركات
ما أنزل منها على أهل بيت إبراهيم، فينتظر محمد طويلا، ولكن كانت المفاجأة الكبرى
(ربما غير السارة) بالنسبة لمحمد أن تلك الرحمة والبركات لم تنزّل، وأن جلّ ما نزل
ببيت محمد هو وجود الإرادة الإلهية بأن يذهب عنهم الرجس، قال تعالى:
وَقَرْنَ
فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى
وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ
تَطْهِيرًا (33)
فلم يكن ذلك
ليرضي محمدا تمام الرضا، فما كان منه إلا أن يُقْبِل على ربه بدعاء لازلنا نردده
في نهاية كل صلاة نقيمها، سائلين الله أن يتحقق لأهل بيت محمد ما كان قد تحقق لأهل
بيت إبراهيم، فكان هذا الدعاء الذي نظن أن أهل العلم قد حرفوا بعضه ولم يتمكنوا من
تحريف بعضه الآخر، ألا وهو ما يطلق عليه مصطلح الصلاة الإبراهيمية:
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين
إنك حميد مجيد
اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في
العالمين إنك حميد مجيد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته
السؤال: فما الذي
لم يحرّف منه؟ ما الذي لم يضع أهل العلم أيديهم فيه ليحرفوه؟
جواب مفترى: إنه
العبارة الأخيرة فيه وهي (إِنَّهُ
حَمِيدٌ مَّجِيدٌ). فمحمد قد استخدم هذا
الأسماء الحسنى ليدعو ربه به لكي يتم عليه وعلى أهل بيته من الرحمت والبركات ما
كان قد تحصّل لإبراهيم وأهل بيته.
السؤال: وما الذي
تم تحريفه في هذا الدعاء؟
جواب: حرف واحد
فقط، وهو إسقاط حرف الهاء من كلمة أهل كما جاءت في كتاب الله في الآيتين
الكريمتين اللتين تتحدثان عن أهل بيت إبراهيم وأهل بيت محمد:
قَالُواْ
أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ
الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ (73)
وَقَرْنَ
فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى
وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)
ليصبح اللفظ على
لسان أهل الرواية كما نقلوا ذلك عن أهل الدراية على نحو آل البيت.
باب الفرق بين
الآل والأهل (آل البيت أم أهل البيت؟)
نحن نظن أن إسقاط
هذا الحرف من كلمة أهل لتصبح كلمة آل قد أسقط الأمة بأكملها في شرك
ما فعل علماؤهم بهم، فانقسمت الأمة إلى فريقين متناحرين على هذا الحرف. فأصبح هناك من يسمون أنفسهم بأهل السنة والجماعة يقابلهم
المدافعين عن آل البيت والتشيّع.
السؤال: لماذا أسقط هذا الحرف؟ ومن الذي فعل ذلك؟ وما الغاية من
ذلك؟
رأينا المفترى: نحن نظن أن شياطين الإنس الذي لم يريدوا بهذا الدين خيرا
هم من فعلوا تلك الفعلة النكراء. ونحن على يقين
أن دراويش الأمة (من أصحاب اللحى الطويلة والثياب القصيرة) لم يستطيعوا أن يدركوا
مقدار خطورة تلك الفعلة وتبعاتها الجمة على الدين أولا ثم على الأمة بأكملها من
بعد ذلك.
السؤال: ولماذا فعلوا ذلك؟
رأينا المفترى: نحن نظن أن الهدف غير المعلن لهؤلاء الشياطين هو إخراج أزواج النبي من المعادلة كلها. فهم لا يريدون أن يدع الناس في صلاتهم لأزواج النبي بالرحمت
والبركات، فأسقطوا حرف الهاء من كلمة أهل (التي لا شك تشمل أزواج النبي كما سنرى بعد قليل) لتصبح كلمة آل (التي قد لا تشمل نساء النبي إطلاقا). للتفصيل انظر مقالتنا تحت عنوان حديث الإفك.
الدليل
لجلب الدليل على
ذلك، لابد من التعرف على معنى مفردة أهل مقابل معنى مفردة آل كما ترد في السياقات
القرآنية.
باب الأهل: تشمل الزوجة
بداية، نحن نفهم أن مفردة الأهل قد استخدمت في سياقاتها القرآنية المتعددة
لتشمل الزوجة.
السؤال: كيف ذلك؟
جواب مفترى:
1.
لم تكن امرأة فرعون من آل فرعون (وإن كانت من أهله)
لأنه لو كانت امرأة فرعون من آل فرعون لحاق بها سوء
العذاب:
فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ
بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45)
ولكانت من المغرقين:
وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا
آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (50)
ولكان مصيرها النار لا محالة لأن آل فرعون مصيرهم جميعا النار:
النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا
وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)
2.
لم تكن امرأة لوط من آله لأن الله قد نجىّ آل لوط أجمعين:
إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ
نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ (34)
ولكنها لا شك كانت من أهله، لذا جاء الاستثناء صريحا بحقها في قوله تعالى:
وَلَمَّا أَن جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ
وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ
وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (33)
3.
لو تدبرنا الآية الكريمة التالية:
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا (54) فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (55)
لوجدنا على الفور
بأن آل الرجل يمكن أن يكون منهم مؤمن ويمكن أن يكون منهم من يصد عن الإيمان. فليس
بالضرورة أن يكون كل آل إبراهيم مؤمنين مادام أن منهم من آمن به ومنهم من صد عنه.
وهذا ينطبق أيضا على آل محمد. فليس كل من كان من آل محمد قد آمن به، فكثير منهم قد
صد عنه.
نتيجة مفتراة من
عند أنفسنا: نحن نفتري الفهم بأن المرأة هي من أهل الرجل ولكنها قد لا تكون من
آله.
(للتفصيل انظر
مقالتنا تحت عنوان من هي زوجة موسى؟ ومقالتنا تحت عنوان حديث الإفك)
السؤال: ما علاقة
هذا بالصلاة الإبراهيمية؟
عندما كان بعض
أهل العلم على دراية بأن الصلاة على أهل بيت محمد سيصيب زوجاته جميعا، لم يكن
ليروق للبعض منهم ذلك، ربما بسبب الخلاف التاريخي والسياسي بينهم وبين بعض أزواج
النبي (وعلى وجه الخصوص السيدة عائشة)، فلعبوا لعبتهم القذرة في التحريف والتبديل،
فما كان منهم إلا أن يسقطوا حرف الهاء من مفردة أهل التي تعني بالضبط بيت النبي
محمد نفسه، واستبدلوها بمفردة آل محمد (ليخرجوا بعض أزواجه من المعادلة) وليدخلوا
فيها في الوقت نفسه بعض أقرباء محمد (من عشيرته) إلى تلك الصلاة. فبدل أن تكون
الصلاة على محمد وعلى أهل بيت محمد، أصبحت الصلاة على محمد وآل بيت محمد.
السؤال: كيف يجب
أن نقرأ الصلاة الإبراهيمية إذن؟
جواب مفترى من
عند أنفسنا: نحن نظن أن الصلاة الإبراهيمية يجب أن تمر بثلاث مراحل، وهي – برأينا-
على النحو التالي:
1.
الصلاة على محمد والسلام عليه فقط وعطفها على إبراهيم، فنحن مأمورون
بالصلاة والتسليم على من صلى الله وملائكته عليه:
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى
النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا
تَسْلِيمًا (56)
لذا، نحن نفتري القول من عند أنفسنا بأن الصلاة الإبراهيمية يجب أن تبدأ
على النحو التالي:
الصلاة والسلام على النبي محمد (كما صليت
وسلمت صليت على
إبراهيم إنك حميد مجيد)
فعندما قدمت الملائكة إلى بيت إبراهيم كان الخطاب الأول بينهم على النحو
التالي:
وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُواْ سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69)
إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلامًا قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ (52)
إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ (25)
2.
الدعاء بالرحمة والبركات على أهل بيت محمد وعطفها على أهل بيت إبراهيم لأن
الله قد أنزل رحمته وبركاته عليهم:
قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ
اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ (73)
لذا نحن نطلب رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ
لأهل بيت محمد، فنتابع الصلاة الإبراهيمية بالقول:
اللهم بارك على أهل بيت محمد كما باركت على أهل
بيت إبراهيم إنك حميد مجيد
3.
السلام على أهل محمد وأهل بيته وعطفها بالسلام على إبراهيم وأهل بيته
فنختم تلك الصلاة (وذلك الدعاء) بالسلام على محمد وأهل أهل بيت محمد ونخرج
من الصلاة بالسلام على إبراهيم وأهل بيت إبراهيم، فنقول:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (ونقصد محمد وأهل بيته)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (ونقصد إبراهيم وأهل بيته)
فيصبح التشهد والصلاة
الإبراهيمية عند الجلوس في الصلاة على نحو ما في الجدول التوضيحي التالي:
التشهد
|
الصلاة
الإبراهيمية
|
شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ
هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ
إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)
وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ
الشَّاهِدِينَ.
... إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي
وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ
وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
(182)
|
وأشهد أن
محمدا رسول الله وخاتم النبيين (وكفى بالله شهيدا)
الصلاة
والسلام على النبي محمد (كما صليت وسلمت على إبراهيم إنك حميد مجيد)
اللهم بارك على أهل بيت محمد كما
باركت على أهل بيت إبراهيم في العالمين
إنك حميد مجيد
السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته
|
باب الصلاة على النبي محمد
غالبا ما تسمع الناس يرددون
العبارة التالية للصلاة على النبي (اللهم صلي على
محمد)، ظانين أنهم بذلك يصلون على النبي محمد كما أمر الله بقوله تعالى:
... يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ
وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)
افتراء من عند أنفسنا: نحن
نود أن نلفت الانتباه أن هذه العبارة (اللهم صلي على
محمد) المستخدمة بين الناس للصلاة على النبي هي غير صحيحة لأنها ليست
تنفيذا للأمر الإلهي بالصلاة على النبي.
السؤال: وكيف ذلك؟
رأينا: لو تدبرت أخي القارئ
الكريم هذه العبارة جيدا، لوجدت أن جل ما تفعله هو دعاء الله بقولك (اللهم) ليصلي هو (أي الله نفسه) على النبي (صلي على محمد). فما الذي فعلته أنت في هذه الحالة؟
هل صليت أنت بنفسك على النبي كما تأمرك الآية الكريمة التالية؟
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ
عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا
تَسْلِيمًا (56)
ونحن لا نملّ أن نطرح التساؤل
التالي أكثر من مرة: لم تطلب أنت من الله أن يصلي هو على النبي بقولك (اللهم صلي على محمد)؟ ألم تقرأ الآية كلها التي تحثك
على الصلاة على النبي؟ ألم تبدأ الآية نفسها بإخبارك يقينا بأن الله قد صلى
وملائكته على النبي؟
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ
عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا
تَسْلِيمًا (56)
تساؤلاتنا: مادام أن الله قد صلى وملائكته على النبي،
ومادام أن صلاة الله وملائكته هذه على النبي دائمة غير منقطعة، فما الحاجة أن تدعو
الله أن يصلي هو على النبي بقولك (اللهم صلي على محمد)؟
رأينا المفترى: سواء دعوت أنت اللهَ أم لم تدعوه أن
يصلي على النبي، فإن صلاة الله وملائكته على النبي دائمة غير منقطعة (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ).
لذا فإن دعاءك هذا بالقول (اللهم صلي على محمد)
لا يزيد في الأمر شيئا ولا ينقص منه شيئا.
ولو تدبرنا ما يقوله بعض الناس عندما يردون الصلاة على
النبي (خاصة في كتابتهم) تجدهم يرددون العبارة التالية: (صلى الله على محمد).
ولو حاولنا تدبر هذه العبارة جيدا، لوجدنا أنها ليست
أكثر من جملة خبرية مفادها أن الله قد صلى فعلا على النبي محمد. لكن هل تلبي هذه
العبارة المطلوب منا وهو أن نصلي نحن بأنفسنا على محمد؟
جواب: كلا وألف كلا، وذلك لأننا نقر بأن الله قد صلى
على محمد
افتراء 1: عبارة (اللهم صلي على محمد)
هي عبارة عن دعاء منا نرفعه لله بأن يصلي هو على محمد، لذا لا تحقق المراد بأن
نصلي نحن بأنفسنا على محمد كما أمرنا الله
افتراء 2: عبارة (صلى الله على محمد) هي عبارة
خبرية تدلنا على أن الله قد صلى على محمد، لذا لا تحقق المراد بأن نصلي نحن
بأنفسنا على محمد كما أمرنا الله
السؤال: ما المطلوب إذن؟
رأينا المفترى: نحن نظن أن المطلوب لا يتمثل بأن تدعو
الله بأن يصلي هو على النبي، ولا أن تخبر بأن الله قد صلى فعلا على محمد، بل أن
تقوم أنت نفسك بالصلاة على النبي لأن الأمر الإلهي للذين آمنوا هو:
... يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)
السؤال: وما الذي يجب عليّ أن
أقوله حتى أكون قد صليت أنا بنفسي على النبي؟
جواب مفترى: نحن نظن أن صيغة
الصلاة على النبي يجب أن تكون بلفظ يشبه التالي:
الصلاة والسلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته
فتصبح صيغة الصلاة
الإبراهيمية (أي الجزء الأخير من الصلاة الخاص بالنبي وأهل بيته) كلها – كما
نفتريها من عند أنفسنا- على النحو التالي:
واشهد أن محمدا رسول الله وخاتم النبيين (وكفى بالله
شهيدا)
الصلاة والسلام على النبي ورحمة الله
وبركاته (كما
صليت وسلمت على إبراهيم إنك حميد مجيد)
اللهم بارك على أهل بيت محمد كما باركت على أهل بيت إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته
ملاحظة غاية في الأهمية: نحن
نود التأكيد لكل قارئ لهذه السطور بأن هذه هي عقيدتنا وحدنا، ونطلب منه بكل أدب جم
أن لا يأخذ بها إذا لم يجد أن الدليل القاطع يثبتها، وإن هو تجرأ على الأخذ بها، فليكن
في ذهنه دائما أنه هو وحده من يتحمل تبعات الأمر إن ثبت أن كلامنا مغلوط. فنحن لا
نقدم فتاوى للناس، ولكننا نفكر فقط بصوت مرتفع. والله أعلم.
فقه صلاة الجنازة
لو تفقنا الآيات الكريمة
الخاصة بما يسمى بصلاة الجنازة، لوجدنا الآية الكريمة التالية حاضرة على الفور:
وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا
وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ
وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ (84)
فهناك إذن صلاة تقام على من مات من المسلمين، وهذه
الصلاة تكون بالقيام على قبره، لذا نحن نتجرأ على القول بأن صلاة الجنازة كلها
صلاة قيام لا يوجد بها ركوع ولا سجود. ليكون السؤال الآن على النحو التالي: كيف هي
ماهية هذه الصلاة؟
رأينا المفترى: مادام أن هذه الصلاة هي كلها قيام، لذا
يجب أن تكون عبارة عن مجموعة الترتيلات يفصل بينها التكبير. فالانتقال من جزء إلى
جزء يكون بالتكبير، أي يقولون "الله أكبر".
السؤال: ما الذي يجب قوله في حالة القيام لصلاة
الجنازة؟
رأينا: نحن نفتري الظن بأن هناك أربع تكبيرات هي على
النحو التالي:
1.
في
التكبيرة الأولى يقرأ القائم لهذه الصلاة بفاتحة الكتاب، وذلك لأنها كما أسلفنا
تبين الغاية من عبادة الله والاستعانة به وهي هداية الصراط المستقيم.
2.
في
التكبيرة الثانية تكون ما يسمى بالصلاة الإبراهيمية، وذلك لأنها صلاة على محمد
ودعاء بالبركات على أهل بيت محمد، فنحن في كل صلاة جنازة نصلي على محمد، فالإضافة
إلى أن هذه الصلاة هي صلاة على من مات من المسلمين في هذه اللحظة، لكن يجب أن
يسبقها صلاة على محمد مادام أنه قد مات:
إِنَّكَ
مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (30)
فأولى البشر أن
نقوم على قبره ونصلي عليه هو محمد وأهل بيت محمد، لذا يجب أن يسبق دعاؤنا لمحمد
دعاءنا لأي شخص آخر مات من المسلمين.
3.
ما
أن ينقضي دعاؤنا لمحمد في التكبيرة الثانية حتى يأتي الآن دعاؤنا لمن كان حاضرا من
أموات المسلمين، لذا نحن ندعو له بالمغفرة بالصيغة التي يراها كل شخص قائم يصلي
على هذا الميت مناسبة لمعرفته المسبقة به.
4.
ما
أن تنتهي من الدعاء للميت (بالصيغة التي تعرفها) حتى تعود في نهاية الأمر تدعو
لنفسك على نحو ما جاء في الآية الكريمة التالية:
وَالَّذِينَ
جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا
الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا
لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (10)
وهو ما يمكن أن
نفهمه من سر الدعاء في نهاية صلاة الجنازة بالقول (ربنا لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا
بعدهم واغفر اللهم لنا ولهم)
باب عدد
الركعات في كل صلاة
وبنفس هذا التفكير بالصوت المرتفع،
دعنا ننتقل الآن من الحديث عن بعض أقوال الصلاة إلى الحديث عن بعض حركاتها،
مبتدئين بالسؤال الجدلي الخطير جدا التالي: كم عدد ركعات كل صلاة؟ وهل يمكن جلب
الدليل على ذلك من كتاب الله نفسه؟
جواب مفترى من عند أنفسنا: غالبا ما
ظن الناس (بما ألفوه من عند أهل العلم) أن عدد الركعات لكل صلاة غير مفصل في كتاب
الله، وأن تفصيل ذلك قد جاء بالتطبيق العملي لما وصلهم في روايات منسوبة إلى النبي
الكريم بما يسمى بالأحاديث. فهل فعلا لم يأت التفصيل الواضح لعدد ركعات كل صلاة في
كتاب الله؟ نحن نسأل.
رأينا المفترى: نحن نفتري القول بأنه
من الاستحالة بمكان أن لا يكون كتاب الله قد فصلّ لنا عدد الركعات لكل صلاة، وذلك
لأننا على العقيدة التي مفادها أن كتاب الله تبيانا لكل شيء، قال تعالى:
وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ
أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ
الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى
لِلْمُسْلِمِينَ (89)
ومادام أن الكتاب الذي أنزله الله
على نبيه هو تبيان لكل شيء، فإن من أبجديات التفكير أن كتاب الله لم يفرط فيه بشيء:
وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ
إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى
رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38)
لذا يجب أن تكون الصلاة (بكل
جزئياتها) مفصلة تفصيلا:
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ
اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن
رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ
فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً (12)
فحتى لو سلمنا بمنطق أهل الدراية أن
هذا (أي عدد ركعات كل صلاة) من فعل محمد، فسيكون السؤال الحتمي هو: من أين جاء
محمد بذلك؟ ألم يكن محمد متبعا لما كان يوحى إليه من ربه؟
قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ
الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى
إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ (50)
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ
يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا
يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا
يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15)
لذا، لا بد من العودة إلى المربع
الأول وهو كتاب الله الذي أُوحي إلى محمد، فكان محمد متبعا لما يوحى إليه:
قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ
بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا
نَذِيرٌ مُّبِينٌ (9)
منطقنا المفترى: إن كانت العقول
البشرية قد قصّرت في فهم ما في كتاب الله، فإن من أكبر الجرائم بحق البشرية القول
بأن كتاب الله غير مفصل، والظن بأنه لابد من وجود مصدر آخر للتشريع ليكمل هذا
"النقص" الذي ظنوا أنه موجود في كتاب الله (وإن لم يقولوها صراحة
بأفواههم). أما نحن، فإننا نتجرأ على القول بأن هذا "النقص" المزعوم هو
في الحقيقة نقص غير موجود إلا في عقول من ظنوا أن كتاب الله يحتاج إلى كتاب آخر
ليسانده. وذلك لأن الله قد أكمل الدين بهذا التنزيل، فما عاد هناك حاجة لغيره:
... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ
نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ...(3)
ولعلي أجد الحاجة ملحّة هنا أن أعتذر
للقارئ الكريم عن حدة هذه اللهجة التي استخدمها هنا لما يجول في خاطري، ولكني في
الوقت ذاته أشعر بأن القارئ الكريم يستطيع أن يتفهم سبب ذلك، فلقد كان أهل الدراية
(الذين لا أشعر بالحاجة أن أعتذر لهم) هم من أضاعوا علينا ديننا وأوقعونا في الفخ
الذي ربما أصبح من الصعب الخروج منه بعد هذا الزمن الطويل من التيه. فهم الذين
أقنعوا العامة من الناس بمصداقية أحاديثهم التي نسبوها – برأينا- زورا وبهتانا إلى
محمد في الوقت الذي نقرأ في كتاب الله الآيات التالية التي تدعونا إلى عدم الإيمان
بأي حديث (على إطلاقه) بعد الله وآياته، قال تعالى:
تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ
حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ
أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ
مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8) وَإِذَا
عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ
مُّهِينٌ (9) مِن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُوا
شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء وَلَهُمْ عَذَابٌ
عَظِيمٌ (10) هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ
مَّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ (11)
ليكون
السؤال الآن هو: ما هو الحديث؟
رأينا
المفترى: نحن نظن أن الحديث هو كل ما أنزله الله على نبيه، قال تعالى:
اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا
مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ
تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ
يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)
نتيجة
مفتراة: الحديث هو الكتاب المتشابه
السؤال: هل
يمكن الإيمان بغير هذا الحديث؟
جواب
مفترى: كلا وألف كلا، مصداقا لقوله تعالى:
تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ
حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ
أَثِيمٍ (7)
السؤال: هل
هناك سنّة؟
جواب
مفترى: نعم هناك سنة؟
السؤال: ما
هي السنّة؟
جواب مفترى:
نحن نجزم القول أن السنّة لله وحده، ولا سنّة إلا سنّة الله وحده:
سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ
لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (62)
سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ
لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23)
نتيجة
مفتراة 1: الحديث هو الكتاب المتشابه
نتيجة
مفتراة 2: السنة هي سنّة الله
السؤال: من
الذي حرف هذه المفردات (الحديث والسنّة) عن معانيها القرآنية؟
جواب مفترى
من عند أنفسنا: نحن نظن أن المسئول عن تحريف هذه المفردات (الحديث والسنّة) عن
معانيها القرآنية إلى معاني اصطلاحية لا تمت إلى اللفظ القرآني بصلة هم – برأينا-
شياطين الإنس بمعونة مباشرة من شياطين الجن.
السؤال:
وكيف ذلك؟
رأينا
المفترى: دعنا نحاول تدبر الآية الكريمة التالية:
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ
وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ
شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)
إن المدقق
في هذه الآية الكريمة سيجد على الفور أن هناك شياطين من الإنس كما أن هناك شياطين
من الجن (شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ). ليكون
السؤال الحتمي هو: من هم شياطين الإنس؟
رأينا
المفترى: لو تدبرنا الآية الكريمة نفسها، لوجدنا بأن صنعة هؤلاء الشياطين هي زخرفة
القول، فهم الذين يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا)، لذا لا
يمكن أن نجدهم (نحن نفتري القول) يعملون في حرفة الصناعة أو التجارة أو الزراعة، وذلك
لأن جل عملهم (نحن نفهم) هو في زخرفة القول. فمن هم إذن؟
جواب
مفترى: نحن نظن أن شياطين الإنس هم الذين اتخذوا من زخرفة القول صنعة لهم، وهم
القادرون على افتراء الكذب على الله:
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ
أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ ... (93)
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ
بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ (68)
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ
يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7)
السؤال:
كيف يمكن أن نتعرف عليهم؟
جواب مفترى
من عند أنفسنا: لو بحثنا في السياقات القرآنية على مساحة النص القرآني كله، لوجدنا
(حسب فهمنا طبعا) بأن أهم ما يميز الشياطين هي رؤوسهم، قال تعلى:
إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا
كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ (65)
نتيجة
مفتراة من عند أنفسنا: إن هذا المنطق يذهب بنا إلى افتراء الظن (ربما مخطئين) بأن
أهم ما يميز الشياطين هي رؤوسهم، فإن أنت أردت أن تتعرف على شياطين الإنس فابحث (يرحمك
الله) في الرؤوس المختلفة، الرؤوس التي تميز أصحابها عن غيرهم من الناس العاديين
في كل مجتمع.
السؤال: من
هم أصحاب الرؤوس المختلفة؟
جواب مفترى
من عند أنفسنا: نحن نظن أنهم رجال الكهنوت الديني من مختلف العقائد والطوائف. فرجل
الدين البوذي أو الهندوسي رأسه يختلف عن عامة الناس الذين يعتنقون البوذية أو
الهندوسية، وكذلك هو رجل الديني اليهودي أو المسيحي أو الإسلامي. فهؤلاء هم من
أرادوا أن ينظر الناس إليهم بعين مختلفة، ويكأنهم يمثلون الدين بما حباهم الله به
من علم. فصنعوا لأنفسهم رؤوسا تميزهم عن بقية خلق الله ممن هم حولهم. ففي حين أن الله
يمتدح المتقين على الدوام، فإنه يذم كل من يشتري بآيات الله ثمنا قليلا:
بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ
الْمُتَّقِينَ (76) إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ
ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ
يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ
وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77)
فلو دققنا
في هذا السياق، لوجدنا أن المتقين هم الذين لا تظهر عليهم علامات الدين، وهم فعلا
من الربانيين الحقيقيين.
مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ
وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ
وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا
كُنتُمْ تَدْرُسُونَ (79)
فالربانيون
الحقيقيون هم الذين يعلمون الكتاب وهم الذين يدرسون، ولكنهم في الوقت ذاته من
المتقين الذين لا يشترون بعهد الله وآياته ثمنا قليلا. فما نود قوله هو أن المتقين
الحقيقيين هم الذين لا يصنعوا لأنفسهم صورة فارقة بين الناس تدل عليهم، فهم الذين
ينأون بأنفسهم عن الظهور بين الناس بشكل يجلب الانتباه، يجعل من السهل الإشارة
إليهم بالبنيان.
ولو دققنا
في تصرفات الناس ومشاعرهم تجاه هؤلاء (الذين صنعوا لأنفسهم رؤوسا مختلفة)، لوجدنا
أنهم غير مقبولين إلا في طائفتهم، فلو نظر من هم من غير المؤمنين من تلك الطائفة
إلى رأس رجل الدين من تلك الطائفة، لأصابه الحنق والكراهية منه، فالمسلم لا يرتاح
لرجل الدين اليهودي صاحب الرأس المختلف، واليهودي لا يرتاح لرجل الدين الإسلامي
صاحب الرأس المختلف، وينسحب هذا أيضا على رجال الدين من مختلف الطوائف داخل
العقيدة الواحدة، فرجل الدين الشيعي الذي يظهر برأس مختلف ليدل على تشيّعه غير
مرغوب (وربما ممقوت) عند أهل السنة، وكذلك هو رجل الدين السني صاحب الرأس المختلف
في نظر الشيعة من المسلمين، وهكذا.
السؤال:
لماذا لا ترتاح أنت كشخص عادي لمن يشهر رأسه كعلامة مميزة لانتمائه لطائفة دينية
محددة؟
جواب
مفترى: أكاد أجزم الظن بأن السبب في ذلك ربما يعود إلى أن الناس العاديين من مختلف
المشارب ينظرون إلى هذه الرؤوس المختلفة بشيء من عدم الراحة لأنها تذكرهم (نحن
نفتري القول) برؤوس الشياطين.
وهنا يبرز
التساؤل التالي: من حرّف الدين الذين جاء به موسى عن جادة الطريق فأضل الناس بعلم
غير أصحاب الرؤوس المختلفة المنتمين لتلك الديانة؟
أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ
عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ
غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23)
ومن الذي
أضل الناس عن شريعة عيسى الصحيحة غير رجال الكهنوت الديني المسيحي (أصحاب الرؤوس
المختلفة)؟
ومن الذي
أضل الناس عن شريعة محمد الصحيحة حتى أصبحت شيعا كل حزب بما لديهم فرحون غير أصحاب
الرؤوس المختلفة من أهل العمائم البيضاء والسوداء على حد سواء؟
جواب
مفترى: نعم، هؤلاء هم (نحن نفتري الظن ربما مخطئين) من اتخذوا إلههم هواه، فهم
الذين شكلوا دينا بمواصفات ومقاييس من عند أنفسهم حتى أصبحت عقائد بشرية ربما (نحن
نظن) لا تمت إلى الدين الحقيقي إلا ربما بالنزر اليسير. نعم، إنهم رجال الدين
أصحاب الرؤوس المختلفة في كل الشرائع السماوية، الذين اتخذوا من زخرف القول صناعة
لهم. فضلوا وأضلوا الناس على علم.
السؤال:
كفاك تنظير على رؤوسنا، هل عدد الركعات لكل صلاة مفصلة في كتاب الله؟ هات ما عندك.
ربما يريد أن يسأل صاحبنا وهو يستشيط غضبا على إرث الآباء والأجداد، ويختنق من هذا
الهجوم (ربما غير المبرر) على رموزه الدينية من أصحاب اللحى الطويلة وغطاء الرأس المميز
لطائفته وعقيدته.
جواب
مفترى: نعم، عدد ركعات كل صلاة (نحن نفتري القول من عند أنفسنا) مفصلة في كتاب
الله.
السؤال: هل
تستطيع أن تبين ذلك لنا؟ يسأل صاحبنا مرة أخرى.
جواب
مفترى: دعنا نبدأ الحديث هنا بالآية الكريمة التالية:
وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ
طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ
فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ
مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ
لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم
مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن
مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ
إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا (102)
السؤال: ما الذي يمكن أن نستنبطه من
هذه الآية الكريمة فيما يخص عدد ركعات كل صلاة؟
رأينا المفترى من عند أنفسنا: لو
دققنا في هذه الآية الكريمة، لوجدنا على الفور أنها تتحدث عن إقامة محمد الصلاة
فيمن هم حوله (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ
فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ)، أليس كذلك؟
نتيجة مفتراة 1: الآية الكريمة لا
تتحدث عن الصلاة على إطلاقها، ولكنها تتحدث عن إقامة الصلاة، أي الصلاة الحركية.
(للتفصيل انظر الجزء الأول من هذه المقالة).
ولو دققنا أكثر في الآية نفسها،
لوجدنا (حسب فهمنا لها طبعا) أنها تصوّر (على الأقل) طائفتين من المؤمنين يصلّون
مع النبي، فتبدأ الصلاة بواحدة منهم (فَلْتَقُمْ
طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ)، ثم تنتهي بالطائفة الأخرى (وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ).
الاستنباط: أليس من الواجب أن تكون
إقامة تلك الصلاة مقسومة بالتساوي بين الطائفتين؟ أليس من الواجب أن تحظى كل طائفة
بالأجر الموازي الذي تظفر به الطائفة الأخرى؟ ألا يقع التكليف على الطائفتين
بالتساوي؟ هل يمكن إذن أن تصلي الطائفة الأولى عددا من الركعات أكثر من تلك التي
تصليها الطائفة الأخرى؟ هل يمكن أن تقبل طائفة منهم أن تصلي ركعة واحدة مع النبي
ثم تصلي الطائفة الأخرى ركعتين أو العكس؟
جواب مفترى من عند أنفسنا: كلا وألف
كلا، مادام أن التكليف يقع على الطائفتين بنفس المستوى، وما دام أن الجميع ينشدون
الأجر ذاته، ومادام أن كل طائفة مأمورة أن تصلي الصلاة ذاتها مع النبي الكريم،
فلابد أن تكون القسمة بينهما (نحن نستنبط القول) متساوية. انتهى
السؤال: ما الذي تريد قوله؟ هات ما
عندك بشكل أكثر وضوحا. يرد صاحبنا متعجلا الإجابة.
حسنا، دعنا إذن نسأل عن ماهية تلك الصلاة
التي أقامها النبي في الطائفتين، أليس من العدل أن تكون صلاة زوجية في عدد
ركعاتها؟
وبالمنطق نفسه هل يمكن (نحن لازلنا
نتساءل) أن تكون تلك الصلاة فردية؟
جواب مفترى من عند أنفسنا: كلا،
لابد أن تكون الصلاة التي أقامها النبي فيهم زوجية في عدد ركعاتها حتى يتسنى
للجميع أن يؤدي الصلاة صحيحة على أكمل وجه، فيؤدي ما عليه من التزام، وبالتالي
الظفر بالأجر نفسه. انتهى.
السؤال: ما علاقة هذا بعدد الركعات
في الصلاة؟
جواب مفترى من عند أنفسنا: إن صحّ
منطقنا المفترى هذا بأن عدد ركعات الصلاة التي أقامها النبي فيهم هي صلاة زوجية في
عدد ركعاتها، فإن أقل عدد ممكن من الركعات الزوجية اثنتان وأن الحد الأعلى لها
أربعة. ليكون الافتراء الأول الذي نحاول جاهدين أن نصل له هو استحالة أن تقل عدد
ركعات أي صلاة عن اثنتين ويستحيل أن تزيد عدد ركعات أي صلاة عن أربع ركعات.
نتيجة مفتراة مهمة جدا جدا 1: أقل
عدد ركعات أي صلاة تقام هي اثنتين
نتيجة مفتراة من عند أنفسنا 2: أكبر
عدد ركعات أي صلاة تقام هي أربعة
نتيجة مفتراة من عند أنفسنا: تتراوح
عدد ركعات أي صلاة تقام بين ركعتين اثنتين (كصلاة الفجر مثلا) وأربع ركعات (كصلاة
الظهر مثلا).
السؤال: هل يمكن أن تقام صلاة بركعة
واحدة مثلا؟
جواب مفترى: كلا. لأن العدد الأقل
هو ركعتين
السؤال: وهل يمكن أن تقام صلاة بخمس
ركعات مثلا؟
جواب مفترى: كلا، لأن العدد الأكبر
هو أربع ركعات.
السؤال: هل جميع الصلوات يجب أن
تكون إما ركعتين أو أربع ركعات فقط؟ لم لا يكون هناك عدد أكبر من الركعات (خمس أو
ست ركعات مثلا)؟
جواب مفترى من عند أنفسنا: نحن نظن
استحالة أن يكون عدد الركعات أكثر من أربعة وأقل من اثنتين وذلك لأن هناك صلاة
واحدة من بينهما جميعا يجب أن تكون وسطى، مصداقا لقوله تعالى:
حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ
لِلّهِ قَانِتِينَ (238)
لذا، يجب أن تكون عدد ركعات هذه
الصلاة الوسطى ثلاث ركعات، وذلك لأن العدد ثلاثة يتوسط الاثنين والأربعة.
لذا، نحن نتجرأ على تقديم الضوابط
التالية التي يجب مراعاتها عند حساب عدد ركعات كل صلاة تقام في المؤمنين من عباد
الله:
الضابط الأول: أقل عدد ممكن من
الركعات لأي صلاة تقام هي ركعتان
الضابط الثاني: أكثر عدد ممكن من
الركعات لأي صلاة تقام هي أربعة
الضابط الثالث: هناك صلاة واحدة فقط
هي صلاة وسطى، لذا تكون عدد ركعاتها ثلاث ركعات.
السؤال: ما هي تلك الصلاة الوسطى
التي تتوسط الصلوات جميعا والتي جاء التخصيص لها واضحا في الآية الكريمة التالية:
حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ
لِلّهِ قَانِتِينَ (238)
رأينا
المفترى: لو تدبرنا هذه الآية الكريمة، لوجدنا أن الله يطالبنا بأن نحافظ على
الصلوات كلها (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ)،
ويبرز من بينها جميعا صلاة واحدة تسمى الصلاة الوسطى (والصَّلاَةِ
الْوُسْطَى).
السؤال
مرة أخرى: ما هي هذه الصلاة الوسطى التي طلب الله منا أن نحافظ عليها بشكل خاص من
بين الصلوات جميعها؟
جواب
مفترى: لقد تطرقنا لهذه الجزئية سابقا، وافترينا القول من عند أنفسنا بأن واحدة من
الأسباب التي جعلت هذه الصلاة وسطى هي لأنها تتوسط الصلوات جميعا في كل شيء، ومن
بينها عدد ركعاتها. ففي حين أن جميع الصلوات يجب أن يكون عدد ركعاتها اثنتين أو
أربعة، إلا أن صلاة واحدة فقط يجب أن تكون الوسطى بين ذلك، أي بين الصلاة التي
تكون عدد ركعاتها اثنتين والصلاة التي يجب أن تكون عدد ركعاتها أربعة.
نتيجة
مفتراة من عند أنفسنا مهمة جدا: هناك صلاة واحدة هي الصلاة الوسطى، لذا يجب أن
تكون عدد ركعاتها ثلاث ركعات، لأن العدد ثلاث هو العدد الذي يتوسط الاثنين
والأربعة. انتهى.
السؤال:
ما هي هذه الصلاة التي يجب أن تكون هي الصلاة الوسطى، فيكون عدد ركعاتها ثلاث
ركعات؟
رأينا
المفترى: نحن نفتري الظن بأن هذه الصلاة الوسطى هي صلاة المغرب.
السؤال:
لماذا تكون صلاة المغرب على وجه التحديد هي الصلاة الوسطى؟ لم لا تكون أي صلاة
أخرى هي الصلاة الوسطى؟
جواب
مفترى من عند أنفسنا: نحن نفتري الظن بأن الصلاة الوسطى هي صلاة المغرب وذلك لأنها
الصلاة التي تتوسط الليل والنهار.
السؤال:
وكيف يكون ذلك؟
رأينا
المفترى من عند أنفسنا: لقد تحدثنا في الأجزاء السابقة من هذه المقالة عن هذه
الجزئية، وزعمنا الظن بأن صلاة المغرب على وجه التحديد هي الصلاة الوسطى، لأن
وقتها يقع بين الليل والنهار. فهناك صلاتان اثنتان تقامان في الغياب التام للشمس
(أي في الليل)، وهما صلاة الفجر وصلاة العشاء، قال تعالى:
أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ
وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)
فالصلاة
التي يجب أن تقام حتى دلوك الشمس هي صلاة الفجر، والصلاة التي يجب أن تقام إلى غسق
الليل هي صلاة العشاء. فتكون هاتان الصلاتان هما اللتان تقامان في غياب تام للشمس،
أي في الليل. (للتفصيل انظر الجزء الأول من هذه المقالة).
لكن
بالمقابل هناك صلاتان اثنتان تقامان في حضور تام للشمس، وهما صلاتا طرفي النهار،
قال تعالى:
وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ ... (114)
فصلاة
الظهر وصلاة العصر تقامان في النهار، أي عندما تكون الشمس حاضرة، أي في النهار.
(للتفصيل انظر الجزء الأول من هذه المقالة).
لكن
تبقى صلاة واحدة على وجه التحديد يصعب أن يحدد وقتها بالليل المظلم أو بالنهار
الواضح، وهذه الصلاة هي الصلاة التي تقام زلفا من الليل:
وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ
إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)
وقد
حاولنا تسويق ظننا بأن هذه الصلاة تقام في الوقت الذي يسمى زلفا من الليل، أي
الوقت الذي يكون الليل قد حل ولكن منذ فترة قصيرة جدا (وَزُلَفًا
مِّنَ اللَّيْلِ)، وفي هذا الوقت بالذات لا يمكن أن تكون الرؤية تامة كما
في النهار، كما لا يمكن أن تكون الرؤية معدومة كما في الليل المظلم:
وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا
وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا
أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ
النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27)
ففي
حين أن الليل يكون قطعا مظلما، إلا أن هناك وقتا محددا يكون "زلفا من الليل"،
وفيه تقام الصلاة التي تقع بين الليل والنهار. إنها صلاة المغرب.
نتيجة
مهمة جدا: عند إقامة هذه الصلاة (أي صلاة المغرب) في زلفا من الليل، فإن الصلاة
تبدأ وهي أقرب إلى النهار منها إلى الليل، ولكنها تنتهي في وقت هو أقرب إلى الليل
منه إلى النهار. ولو تدبرنا الآية الكريمة التالية، لوجدنا أنها تقرر استحالة أن
نحصي ذلك:
إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ
اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ
يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ
فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى
وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ
يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا
الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا
تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا
وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (20)
نتيجة
مفتراة من عند أنفسنا: هناك وقت يقع بين الليل والنهار، يصعب علينا أن نحصيه (وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن
تُحْصُوهُ)، فلا نستطيع الجزم بأنه جزء من الليل أو أنه جزء من النهار،
وذلك لأن الليل يسلخ منه النهار سلخا:
وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم
مُّظْلِمُونَ (37)
وفي
المقابل فإن الليل هو من يغشى النهار:
إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي
سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ
يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ
بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ
(54)
وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ
وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ
يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
(3)
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2)
ولو
دققنا في الآيات السابقة، لوجدنا أنه ما أن يغشى الليل النهار (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ) حتى يطلبه حثيثا (يَطْلُبُهُ حَثِيثًا).
نتيجة
مفتراة: هناك وقت يبدأ فيه الليل ليغشى النهار (وَاللَّيْلِ
إِذَا يَغْشَى) بعد أن كان النهار جليا (وَالنَّهَارِ
إِذَا تَجَلَّى)، وهذا الوقت هو الوقت الذي نظن أنه هو ما يسمى زلفا من
الليل (وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ). لكن الليل
يبدأ يطلب النهار حثيثا (يَطْلُبُهُ حَثِيثًا)،
فسرعان ما ينقضي هذا الوقت حتى يصبح الليل مظلما:
وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا
وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا
أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ
النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27)
نتيجة
مهمة جدا: تبدأ صلاة المغرب في الوقت الذي يصعب أن نقرر أنه ليل أو أنه نهار،
وتنتهي في الوقت الذي يكون لا محالة جزء من الليل، لذا طلب الله منا أن نتم الصيام
إلى الليل (ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ):
أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ
هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ
كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ
بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ
حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ
الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ
وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا
كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)
لذا،
نحن نتجرأ على القول بأنه من الأفضل أن لا يفطر الصائم بمجرد رفع المؤذن النداء
لصلاة المغرب، بل يجب عليه الانتظار قليلا حتى يتحقق من دخول الليل، ولهذا ربما
يكون من باب الحيطة أن يقوم المسلم بأداء صلاة المغرب قبل أن يعمد إلى أن يفطر من
صومه في كل يوم من أيام الصيام.
السؤال:
ما علاقة هذا كله بعدد الركعات لكل صلاة؟
جواب
مفترى من عند أنفسنا: لو دققنا في الفكرة المطروحة بأن هناك صلاة وسطى، تتمثل
بصلاة المغرب التي يكون عدد ركعاتها على وجه التحديد ثلاث ركعات، فإن جميع الصلوات
الأخرى يجب أن يكون عدد ركعاتها أقل من ثلاثة (أي ركعتين) أو أكثر من ثلاثة (أي
أربعة).
السؤال:
وكيف نستطيع توزيع ذلك على الصلوات الأخرى؟
افتراء
خطير جدا من عند أنفسنا: نحن نظن أن عدد الركعات التي نقيمها في النهار يجب أن
يكون مساو تماما لعدد الركعات التي نقيمها في الليل. فالشهر الشمسي (أي فترة
الأربع وعشرين ساعة) تتوزع على مدار العام مناصفة بين الليل والنهار. فصحيح أن
نهار الصيف أطول من نهار الشتاء، لكن ليل الصيف أقصر من ليل الشتاء، وهكذا. ففي
يومين اثنين من السنة كلها يتساوى الليل مع النهار، فيحدث الاعتدال الربيعي تقريبا
في 22 آذار ليقابله الاعتدال الخريفي في 22 أيلول، وهذا تعريفهما من موسوعة
الوكيبيديا:
الاعتدال هو الزمن الذي يتساوى فيه الليل والنهار في شتى أنحاء العالم. ويصادف الاعتدال الربيعي والخريفي يومين في السنة، وذلك عندما تكون الشمس عمودية فوق خط الاستواء بشكل مباشر. وفي هذا الوقت، يكون طول الليل والنهار متساويين تقريبًا في كل
بقعة من بقاع الأرض. ويحدث الاعتدال الربيعي في العشرين أو الحادي
والعشرين من شهر مارس وفي الثاني والعشرين أو الثالث والعشرين من شهر سبتمبر. وفي
نصف الكرة الشمالي يحدث الاعتدال الربيعي في شهر مارس، بحيث يعلن عن بداية شهر الربيع. وغالبًا ما يُطلق عليه الاعتدال الربيعي. أما اعتدال شهر سبتمبر، فيعلن عن بداية شهر الخريف ويسمى الاعتدال الخريفي. ويكون الحال في نصف الكرة الجنوبي على النقيض من
ذلك.
نتيجة
مفتراة: مادام أن الليل والنهار يتقاسمان أيام السنة كلها مناصفة، فإن إقامة
الصلاة يجب أن تكون مناصفة بين الليل والنهار.
فتصبح
الضوابط التي يجب مراعاتها في تحديد عدد ركعات الصلاة على النحو التالي:
الضابط الأول: أقل عدد ممكن من
الركعات لأي صلاة تقام هي ركعتان
الضابط الثاني: أكثر عدد ممكن من
الركعات لأي صلاة تقام هي أربعة
الضابط الثالث: هناك صلاة واحدة فقط
هي صلاة وسطى، لذا تكون عدد ركعاتها ثلاث ركعات.
الضابط
الرابع: يجب أن تكون عدد الركعات للصلوات التي تقام في الليل مساو تماما لعدد
الركعات التي تقام في النهار.
السؤال:
كيف يمكن أن نطبق ذلك عمليا؟
جواب
مفترى: نحن نظن أن هذا ممكنا إذا ما أخذنا الافتراءات التالية بعين الاعتبار:
افتراء
1: صلاتا طرفي النهار (الظهر والعصر) هما صلاتا النهار المبصر
افتراء
2: صلاتا دلوك الشمس وغسق الليل (الفجر والعشاء) هما صلاتا الليل المظلم
افتراء
3: صلاة زلفا من الليل ليست جزء من النهار ولكنها ليست كلها من الليل
السؤال:
إلى أي الفريقين تنتمي صلاة المغرب؟
رأينا
المفترى من عند أنفسنا: نحن نكاد نجزم الظن بأن صلاة المغرب ليست جزءا من النهار
لأنها زلفا من الليل، لكن في الوقت ذاته يستحيل أن تقع كلها في الليل لأن الليل
مظلما:
وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا
وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا
أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ
النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27)
لكن
مادام أن الليل يطلب النهار حثيثا، فلابد أن الليل يأتي بسرعة:
إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي
سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ
يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ
بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ
(54)
لذا،
نحن نتجرأ على الظن بأن صلاة المغرب تنقسم إلى قسمين، يكون جزء منها لا يقع في
الليل ولا في النهار، فيكون هو الحد الفاصل بينهما، بينما يقع الجزء الآخر منها في
الليل، مادام أن الليل يطلب النهار حثيثا.
ولو
راقبنا هذه الصلاة على وجه التحديد، لوجدنا أن الآذان يرفع بمجرد مغيب الشمس في
الأفق، فيحضر المصلون إلى المسجد، ويكون هناك وقت قصير بين رفع النداء للصلاة
وإقامتها (أي دقائق معدودة)، وما أن تقام الصلاة، حتى يبدأ الليل يغشى النهار
حثيثا، فما أن تنقضي هذه الصلاة حتى يكون الليل قد غشي النهار، فأصبح مظلما.
السؤال:
ما الذي يمكن أن نستفيده من ذلك؟
جواب
مفترى من عند أنفسنا خطير جدا جدا: نحن نظن أن الركعة الأولى من صلاة المغرب هي
الحد الفاصل بين الليل والنهار، لذا يستحيل أن نعتبرها جزء من النهار كما يستحيل
أن نعتبرها جزء من الليل، فهذه الركعة هي الحد الفاصل بين الليل والنهار، أي منطقة
الشك الذي علم الله أننا لن نحصيه:
إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ
اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ
يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ
فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى
وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ
يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا
الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا
لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ
أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (20)
لذا،
يتبقى الجزء الآخر من صلاة المغرب (أي الركعتين التاليتين) جزء من الليل. فتكون
الافتراءات الجديدة على النحو التالي:
نتيجة
مفتراة 1: الركعة الأولى من المغرب ليست من الليل وليست من النهار (أي هي الحد
الفاصل بين الليل والنهار)
نتيجة
مفتراة 2: ما تبقى من صلاة المغرب (أي الركعتين التاليتين) هما جزء من الليل
فتصبح
الصلوات كلها مقسومة بين الليل والنهار (وما بينهما) على النحو التالي:
النهار
|
الحد
الفاصل بين الليل والنهار
|
الليل
|
الظهر
العصر
|
الركعة
الأولى من المغرب
|
ركعتا
المغرب
العشاء
الفجر
|
السؤال:
كم عدد الركعات لكل واحدة من الصلوات الأخرى؟
رأينا
المفترى: إن صح منطقنا المفترى من عند أنفسنا هذا، فإن عدد ركعات صلاة المغرب التي
تقع في الليل هما ركعتان فقط، لذا يتطلب منا أن نحدد عدد الركعات لصلوات الليل
الأخرى (وهي العشاء والفجر). ليكون السؤال الآن هو: كم يجب أن تكون عدد ركعات
العشاء والفجر؟
رأينا
المفترى: دعنا نفترض أن عدد ركعات كل واحدة منهما هو الحد الأدنى لعدد ركعات أي
صلاة منهما (أي ركعتين اثنتين). فيصبح الجدول الآن على النحو التالي:
النهار
|
الحد
الفاصل بين الليل والنهار
|
الليل
|
الظهر
العصر
|
الركعة
الأولى من المغرب
|
ركعتا
المغرب (2)
العشاء
(2)
الفجر
(2)
|
6
|
وبهذا
يصبح مجموع ركعات الصلوات التي تقام في الليل ست ركعات، أليس كذلك؟
منطقنا
المفترى: إذا كان عدد ركعات صلوات الليل هو ست ركعات، فإن عدد ركعات الصلوات التي
تقام في النهار يجب أن تكون ستة كذلك.
السؤال:
كيف يمكن تقسيم ذلك؟
جواب:
هناك احتمالان لهذا التقسيم، وهما:
1. أن تكون كل صلاة ثلاث ركعات كما في الجدول
التالي:
النهار
|
الحد
الفاصل بين الليل والنهار
|
الليل
|
الظهر
(3)
العصر(3)
|
الركعة
الأولى من المغرب
|
ركعتا
المغرب (2)
العشاء
(2)
الفجر
(2)
|
6
|
6
|
السؤال:
هل هذا ممكنا؟
جواب
مفترى: كلا وألف كلا، لأنه لو كان عدد ركعات كل واحدة من هذه الصلوات ثلاث ركعات،
لأصبحت كل واحدة منهما صلاة وسطى. ولقد حاولنا تبيان أن هناك صلاة واحدة فقط من
بين الصلوات كلها هي صلاة وسطى، بينما يكون عدد ركعات الصلوات الأخرى جميعها إما أقل
من ثلاثة (اثنين) أو أكثر من ثلاثة (أي أربعة)، وهذا ينقلنا إلى الاحتمال الثاني.
2. أن تكون واحدة من هذه الصلوات هي ركعتين
بينما تكون الأخرى أربع ركعات كما في الشكل التوضيحي التالي:
النهار
|
الحد
الفاصل بين الليل والنهار
|
الليل
|
الظهر
(4)
العصر
(2)
|
الركعة
الأولى من المغرب
|
ركعتا
المغرب (2)
العشاء
(2)
الفجر
(2)
|
6
|
6
|
السؤال:
هل هذا ممكنا؟
جواب
مفترى: كلا وألف كلا، لأن هذا سيدخلنا في دوامة أخرى وهي لم تكون صلاة الظهر
(مثلا) أربع ركعات بينما تكون صلاة العصر ركعتان. ولو عكسنا الصورة كما في الجدول
التالي:
النهار
|
الحد
الفاصل بين الليل والنهار
|
الليل
|
الظهر
(2)
العصر
(4)
|
الركعة
الأولى من المغرب
|
ركعتا
المغرب (2)
العشاء
(2)
الفجر
(2)
|
6
|
6
|
لطرح
السؤال مرة أخرى على النحو التالي: لم تكون صلاة الظهر ركعتا بينما تكون صلاة
العصر أربع ركعات؟
السؤال:
كيف يمكن أن نخرج من هذا المأزق الذي وضعنا أنفسنا فيه؟
جواب
مفترى خطير جدا جدا: نحن نظن أن هناك ضابط جديد يجب مراعاته في تحديد عدد الركعات،
ألا وهو أن عدد ركعات طرف النهار الأول (الظهر) يجب أن تكون مساوية تماما لعدد
ركعات الطرف الثاني من النهار (العصر)، وذلك لأن كل منهما طرف من النهار، وهما متساويين
في الأهمية والوقت، فطرفك اليمين يجب أن يكون مساو لطرفك الشمل وإلا فإن الخلل لا
محالة سيحصل في الجسم كله. فتصبح الضوابط على النحو التالي:
الضابط الأول: أقل عدد ممكن من
الركعات لأي صلاة تقام هي ركعتان
الضابط الثاني: أكثر عدد ممكن من
الركعات لأي صلاة تقام هي أربعة
الضابط الثالث: هناك صلاة واحدة فقط
هي صلاة وسطى، لذا تكون عدد ركعاتها ثلاث ركعات.
الضابط
الرابع: يجب أن تكون عدد الركعات للصلوات التي تقام في الليل مساو تماما لعدد
الركعات التي تقام في النهار.
الضابط
الخامس: يجب أن يكون عدد ركعات طرف النهار الأول مساو تماما لعدد ركعات طرف النهار
الثاني
السؤال:
كيف يمكن أن نحافظ على التوازن بين طرفي النهار، وفي الوقت ذاته نحافظ على أن هناك
صلاة وسطى (ثلاث ركعات) واحدة فقط؟
رأينا
المفترى الخطير جدا جدا: نحن لا نستطيع أن نجعل صلاة طرف النهار الأول ركعتين
وصلاة طرف النهار الثاني ركعتين كما في الشكل التوضيحي التالي:
النهار
|
الحد
الفاصل بين الليل والنهار
|
الليل
|
الظهر
(2)
العصر
(2)
|
الركعة
الأولى من المغرب
|
ركعتا
المغرب (2)
العشاء
(2)
الفجر
(2)
|
4
|
6
|
وذلك
على الأقل لسببين اثنين، وهما:
1. يصبح مجموع الركعات التي نقيمها في النهار
أربع ركعات فقط، وهذا يعد مخالفة لمبدأ أن تكون عدد الركعات في النهار مساوية لعدد
الركعات في الليل، فإن نحن أقمنا فقط أربع ركعات في النهار فيجب أن نقيم كذلك أربع
ركعات في الليل، فيبرز السؤال الآن على النحو التالي: كيف يمكن أن نقيم في الليل
أربع ركعات مقسمات على ثلاث صلوات (المغرب والعشاء والفجر)؟
2. لو كان عدد ركعات صلوات النهار كلها
(العصر والمغرب) أربع ركعات مقسمة على صلاتين، لأصبح نصيب كل صلاة ركعتين اثنتين،
وبهذا يصبح من الاستحالة بمكان أن نحافظ على الصلاة الوسطى (ذات الركعات الثلاثة)،
وبكلمات أخرى نقول أن هذا الاحتمال ينقض تماما مبدأ أن تكون هناك صلاة وسطى مادام
أن أكثر صلاة سيكون عدد ركعاتها على أقصى تقدير ركعتين فقط.
السؤال:
ما المخرج من هذه الدوامة إذن؟
جواب
مفترى خطير جدا جدا: نحن نظن أن الحل الأمثل هو أن تتساوى عدد الركعات في طرف
النهار الأول مع عدد الركعات في طرف النهار الثاني (العصر)، بحيث يصبح عدد ركعات
كل صلاة منهما هو الحد الأعلى للركعات، وهي أربعة، فيصبح الجدول على النحو التالي:
النهار
|
الحد
الفاصل بين الليل والنهار
|
الليل
|
الظهر
(4)
العصر
(4)
|
الركعة
الأولى من المغرب
|
ركعتا
المغرب (2)
العشاء
(2)
الفجر
(2)
|
8
|
6
|
لكن
هذا الاحتمال الجديد يتطلب منا أن نعيد النظر في عدد الركعات التي يجب أن تقام في
الليل لتصبح هي الأخرى ثمان ركعات بدلا من ستة. فكيف يمكن تنفيذ ذلك؟
رأينا
المفترى: لما كنا نعتقد جازمين بأن حظ الليل من صلاة المغرب (وهي الصلاة الوسطى) ركعتين،
فإنه يتبقى عندنا ست ركعات يجب أن يتم تقسيمها بين صلاتي العشاء والفجر، كما في
الجدول التالي:
النهار
|
الحد
الفاصل بين الليل والنهار
|
الليل
|
الظهر
(4)
العصر
(4)
|
الركعة
الأولى من المغرب
|
ركعتا
المغرب (2)
العشاء
(4)
الفجر
(2)
|
8
|
1
|
8
|
فيصبح
حظ صلاة العشاء أربع ركعات، بينما يتبقى ركعتان فقط لصلاة الفجر، وفي هذه الحالة
تنقسم الصلاة بالتساوي بين الليل (8 ركعات) والنهار (8) ركعات، ويكون هناك ركعة
واحدة، وهي الركعة الأولى من صلاة المغرب قائمة كحد فاصل بين النقيضين (الليل
والنهار)، وهذه الركعة التي زيدت على صلاة المغرب هي التي جعلتها صلاة وسطى وحيدة
بين جميع الصلوات الأخرى.
تلخيص
ما سبق: نحن نظن أن عدد ركعات كل صلاة يمكن تحديدها إذا ما أخذنا بعين الاعتبار
الضوابط التالية:
الضابط الأول: أقل عدد ممكن من
الركعات لأي صلاة تقام هي ركعتان
الضابط الثاني: أكثر عدد ممكن من
الركعات لأي صلاة تقام هي أربعة
الضابط الثالث: هناك صلاة واحدة فقط
هي صلاة وسطى، لذا تكون عدد ركعاتها ثلاث ركعات.
الضابط
الرابع: يجب أن تكون عدد الركعات للصلوات التي تقام في الليل مساو تماما لعدد
الركعات التي تقام في النهار.
الضابط
الخامس: يجب أن يكون عدد ركعات طرف النهار الأول مساو تماما لعدد ركعات طرف النهار
الثاني
ونحن
نتجرأ أن ندعو كل متخصص في علم الحلول المثلى (optimal
solutions) أن يجد الحل الأمثل لعدد الركعات عند الأخذ بعين
الاعتبار هذه الضوابط. ونحن نتجرأ أيضا على الظن بأنه من الاستحالة بمكان أن يجد
الحل الأمثل غير هذا الحل الذي قدمناه من عند أنفسنا.
إن
هذا الطرح يتطلب منا الإجابة على عدة تساؤلات، نذكر منها:
السؤال
الأول: لماذا كان هناك صلاتان فقط في النهار؟
السؤال:
الثاني: لماذا جاء التقسيم مناصفة بين صلاتين اثنتين في النهار (الظهر والعصر)؟
السؤال
الثالث: لماذا كان حظ كل واحدة منهما في عدد الركعات مساو لعدد الركعات في الأخرى؟
السؤال:
الرابع: لماذا كان هناك ثلاث صلوات في الليل مقابل صلاتين اثنتين في النهار؟
السؤال
الخامس: لماذا كان هناك تفاوت في عدد الركعات في صلوات الليل (المغرب والعشاء
والفجر)؟
السؤال
السادس: لماذا كان عدد ركعات صلاة العشاء أربعة
بينما عدد ركعات صلاة الفجر اثنتين بالرغم أن كلاهما يقع في الليل؟
الخ.
السؤال:
الأول: لماذا فرض الله علينا صلاتين فقط في النهار، وهما صلاتا طرفي النهار:
وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ ... (114)
رأينا
المفترى: لو تدبرنا الآيات الخاصة بالنهار، لوجدنا أن الله هو من جعل لنا النهار
معاشا، وفيه طلب الله منا أن نبتغي فيه من فضله (أي طلب الرزق):
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا
(11)
وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا
فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (73)
فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَامًا
وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ
إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا (103)
فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا
مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)
لذا،
جاء التخفيف علينا من ربنا:
يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا
(28)
فأعطانا
فسحة من الوقت في ابتغاء فضله، أي طلب الرزق، فكان هناك فقط صلاتان اثنتان تقامان
في النهار هما صلاتا طرف النهار الأول (الظهر) وطرف النهار الثاني (العصر).
ولو
دققنا في الآية الكريمة التالية:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ
الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ
لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا
فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا
لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)
لوجدنا
أن هذه الصلاة التي تقام فيها صلاة الجمعة هي صلاة الظهر (أي طرف النهار الأول)،
بدليل أن تلبية النداء لذكر الله من يوم الجمعة يسبقه وجود البيع، فيكون السوق
منصوبا، ويكون الناس في بيع، فعلينا إذن أن نذر البيع من أجل تلبية النداء إلى ذكر
الله من يوم الجمعة (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ
وَذَرُوا الْبَيْعَ)، وإذا ما قضيت هذه الصلاة عاد الناس إلى نشاطهم
الاقتصادي، وذلك بالانتشار في الأرض والابتغاء من جديد من فضل الله (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ
وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ). ويستحيل أن يتحقق ذلك في غير وقت صلاة
الظهر. فهي الصلاة الوحيدة التي يمكن أن يسبقها نشاط تجاري ويتبعها نشاط اقتصادي.
فلو
أن موعد تلك الصلاة (أي صلاة الجمعة) هو طرف النهار الثاني (أي العصر) لصح أن
يسبقها نشاط اقتصادي (البيع)، لكن يستحيل أن يتبعها نشاط اقتصادي من جديد (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ
وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ)، لأن الوقت الذي يأتي بعد ذلك سيكون ضيقا
لا يتيح أن ينصب السوق من جديد، ويكون الناس قد قضوا معظم يومهم في تجارة وحان
الوقت الآن للراحة (أي الذهاب إلى بيوتهم).
أما
في الأيام الأخرى (غير يوم الجمعة)، فإن طرف النهار الأول يتساو مع طرف النهار
الثاني، لذا يجب أن تكون عدد ركعات صلاة الظهر مساوية لعدد ركعات صلاة العصر.
وإذا
ما أراد الشخص الاستزادة من العبادة في النهار، فإن ذلك لن يقع في باب إقامة
الصلاة وإنما في باب التسبيح، مصداقا لقوله تعالى:
إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7) وَاذْكُرِ اسْمَ
رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8)
والتسبيح
يكون بحمد الرب في أي وقت من أطراف النهار:
فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ
طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ
وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)
وهذا
التسبيح بحمد الرب هو ما ظننا أنه يقع في باب ما يسمى في الفكر الشعبي الدارج
بصلاة السنة، وما هي – برأينا- أكثر من صلاة يطلب فيها العبد من ربه أن يعينه على
أمور دنياه. أما إقامة الصلاة (أي ما يسمى بالفرض)، فهو حق الإله الذي فرضه على
عبده. فالله يطلب منا أن نقدم حقه علينا في النهار مرتين عند إقامة الصلاة في طرف
النهر الأول وفي الطرف النهار الثاني، لكنه يتيح لنا المجال أن نطلب منه ما نشاء
(حتى نرضى) في أي طرف من أطراف النهار. فكلما وجد الإنسان فسحة من الوقت، وكلما
وجد أنه بحاجة إلى إعانة من ربه، فالباب مفتوح أن يلجأ إلى ربه فيسبح بحمده طالبا
العون منه، لا يخجل بذلك مادام أنه قد قدّم حق ربه عليه عندما أقام الصلاة عبادة
لربه في طرفي النهار.
السؤال
الثالث: لماذا كان هناك ثلاث صلوات في الليل (المغرب والعشاء والفجر)؟
رأينا
المفترى: لو تفقدنا الآيات الكريمة الخاصة بالليل، لوجدنا أن لليل ميزة خاصة في العبادة:
يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)
نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ
الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ
نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6)
فبعد
أن يكون الشخص قد أنفق جل يومه في ابتغاء فضل من ربه في النهار، فإنه يفرغ من ذلك
كله مع قدوم الليل، فيصبح الليل كله لباسا بعد أن كان النهار معاشا:
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ
سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47)
فيصبح
الليل كله فسحة له أن يمد حبل الاتصال المباشر مع ربه، ومادام أن الله قد جعل
الليل لباسا، فإنه يصبح هو الوقت الأفضل لحصول التقوى:
يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي
سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ
اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)
وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ
رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)
فالليل
(نحن نفتري الظن) هو الوقت الأمثل للمتقين، الذين يناجون ربهم تضرعا وخفية:
ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ
الْمُعْتَدِينَ (55)
نتيجة
مفتراة: نحن نفتري الظن من عند أنفسنا أن الليل هو الوقت الأمثل لأن يمد الإنسان
حبل اتصاله مع ربه خفية، فيناجيه ويناديه بمعزل عن أعين الناس، فكما أن هناك فسحة
للتسبيح بحمد الرب في أطراف النهار، فهناك أيضا فسحة أخرى في آناء الليل:
فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ
طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ
وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)
وهناك
أيضا قيام في الليل نصفه أو أنقص منه قليلا أو زد عليه قليلا، وهناك فسحة أخرى في
ترتيل القرآن في هذا الوقت:
يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)
نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ
الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ
نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6)
نتيجة
مفتراة: نحن نظن أن حبل الاتصال يجب أن يمد أكثر مع الله في الليل منه في النهار،
وذلك لسببين اثنين على الأقل:
1. في الليل يكون الإنسان غير منشغلا بطلب
الفضل من الله (أي الرزق)، فمشاغل الحياة أقل منها في الليل عنها في النهار
2. الليل هو الوقت الأمثل للتقوى، أي
للانعزال عن أعين الناس، وبالتالي الاتصال الفردي المباشر مع رب الليل والنهار.
السؤال:
إذا كان هناك صلاتان في النهار (الظهر والعصر)، فانقسمت الركعات بالتساوي بين
الطرفين (أربعة لكل واحدة منهما)، فلم كان عدد الركعات غير متساو في صلوات الليل
(المغرب والعشاء والفجر)؟
جواب
مفترى: لعلي أجزم الظن أننا قد أجبنا عن هذا التساؤل سابقا عندما حاولنا تحديد
الوقت لكل صلاة.
السؤال:
وكيف ذلك؟
رأينا
المفترى: لما كان هناك فسحة من الوقت في طرف النهار الأول مساوية تقريبا للفسحة
المتاحة في طرف النهار الثاني، كان لزاما أن يكون عدد ركعات كل صلاة منهما مساو
لعدد ركعات الصلاة الأخرى. فوقت إقامة صلاة الظهر هو وقت الغدو (انقباض الظل)
بينما وقت إقامة صلاة العصر هو الآصال (مد الظل). وهذا الوقتان يتساويان تماما،
فالفترة اللازمة لانقباض الظل تساو الفترة اللازمة لامتداده، فحركة الشمس ثابتة
فهي تنقبض بمقدار ما تمد، وهكذا.
لكن
لو حاولنا بالمقابل تفقد وقت إقامة الصلوات في الليل (المغرب والعشاء والفجر)،
لوجدنا أن الوقت الأطول بينهما هو وقت العشاء، فصلاة العشاء تمتد حتى غسق الليل
(أي ما يقرب من منتصف الليل)، لذا هناك فسحة من الوقت كافية لإقامة هذه الصلاة
براحة تامة، فكان عدد ركعاتها هو الأكثر. لكن وقت الفجر لا يطول بمقدار ما يطول
وقت العشاء، لكنه يقرب لما هو متاح في المغرب. فتكون صلاة الفجر والمغرب قصيرتان
من حيث الفترة الزمنية المتاحة لكل واحدة منهما، فكانت كل منهما ركعتان. مع الأخذ
بعين الاعتبار أن الركعة الأولى من صلاة المغرب هي حد فاصل بين الليل والنهار.
باب الإمامة في الصلاة: للذرية
السؤال: من
الذي يجب أن يؤم الناس في الصلاة الجماعية؟
رأينا
المفترى: لو تفقدنا الآية الكريمة التالية، لوجدنا أن الله هو من جعل إبراهيم
إماما للناس:
وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ
قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ
يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً
لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى
وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ
وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125)
ولكن لو دققنا في ردة فعل إبراهيم،
لوجدنا أنه يطلب الإمامة لمن هم من ذريته (قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي)، ولو تفقدنا لفظ الذرية في جميع السياقات القرآنية، لوجدنا
أن الذرية محصورة في جنس الذكور، ولا يمكن أن تطلق على الإناث، قال تعالى:
أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ
جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ
فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ
فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ
لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266)
ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ۗ
وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)
هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ۖ
قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ
الدُّعَاءِ (38)
وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ
خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ
وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9)
وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ ۚ
إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ كَمَا
أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (133)
أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ
آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا
بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173)
فَمَا آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِّن
قَوْمِهِ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ ۚ وَإِنَّ
فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (83)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن
قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن
يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38)
ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ۚ
إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3)
أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ
عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ
نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا
وَاجْتَبَيْنَا ۚ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا
وَبُكِيًّا ۩ (58)
وسنفرد لهذه الجزئية مقالات مفصلة لاحقا
متى ما أذن الله لنا بشيء من علمه فيها. فالله وحده ندعو أن يعلمنا ما لم نكن
نعلم، وأن يزدنا علما، وأن يهدينا لأقرب من هذا رشدا، ونعوذ به أن نكون ممن يفترون
عليه الكذب أو ممن يقولون عليه ما ليس لهم بحق.
المدّكرون: رشيد سليم الجراح & علي محمود سالم الشرمان
بقلم د. رشيد الجراح
2 أيار 2017