والعلماء هم الظالمون (4)
نتابع في مقالتنا هذه مناقشة بعض الفتاوى الصادرة عن من يسميهم الناس بــ "أهل العلم" في بلاد الإسلام، مركزين على الفكرة التي طالما جهدنا في تقديمها في سلسلة مقالاتنا تحت عنوان "والعلماء هم الظالمون" وهي: استغلال الفتوى الدينية لتنفيذ مطامع الحكام، وكيف أصبح رجال الدين ألعوبة (أراقوز باللسان المصري) بيد أسيادهم وولاة أمورهم. ونتعرض هنا لثلاث فتاوى صدرت عن كيانات دينية معروفة ومقدرة عند عامة الناس أو عن رجال دين غالباً ما تغنى الناس بعلمهم، وها هي الشدائد والمحن (أو الفتن) تتوالى ليميز الله الخبيث من الطيب، ولعلي بحاجة أن أؤكد مرة أخرى على أن هذه الفتن (رغم الجراحات والآلام التي تسببها) تساعد في تصحيح مسار هذه العقيدة، فغالباً ما استقرت في أذهان الناس أفهام خاطئة يصعب تصحيحها إلا إذا وقعت الأمة بأكملها في فتن لا تخرج منها إلا بعد أن تصحح الأمة عقائدها الخاطئة التي لازمتها فترة طويلة من الزمن، وسنحاول أن نبين في مقالتنا هذه كيف يمكن لثورات الربيع العربي أن تساعد في تصحيح مسار عقيدة انحرفت عن جادة الصواب، وحتى لا يبقى كلامنا هذا في إطاره النظري، فإننا سنقدم الدليل من فتوى استقرت في بطون الكتب الصفراء التي هلكت وأهلكت الأمة فترة طويلة من الزمن بعد أن أصبحت من مسلمات أهل العلم الذين لم يقدّموا لهذه الأمة أكثر من النقل الخاطئ عن أسلافهم، ونخص بالذات هنا الفتوى الشهيرة بعدم شرعية الخروج على الحاكم.
الفتوى: لقد كانت معظم المدارس الفقهية الإسلامية وكبار المنظّرين للفكر الإسلامي يفتون بعدم جواز الخروج على الحاكم
رأينا: هذه الفتوى مكانها الصحيح في مزبلة التاريخ وهي ليست من الدين في شيء
الفتوى التي نظن بصحتها: لزوم الخروج على الحاكم
وسنقدم في مقالتنا هذه أمثلة ثلاثة نحاول من خلالها أن نروّج لموقفنا هذا، والأمثلة الثلاث هي:
1. السماح للمرأة بقيادة السيارة والمشاركة في الانتخابات ومجلس الشورى في "السعودية"
2. فتوى مجمع علماء اليمن بعدم جواز الخروج على علي عبد الله صالح
3. فتوى الشيخ محمد سعيد البوطي بجواز "السجود" لبشار الأسد كما تناقلتها وسائل الإعلام
هل يجوز للمرأة أن تقود السيارة؟
لقد شغل هذا السؤال فكر علماء "السعودية" منذ أن دخلت أول مركبة تلك الديار العامرة، وتسابق العلماء في الاجتهاد لظنهم أن السيارة هي من اختراعات القرن العشرين التي لم يأتي ذكرها في كتاب الله (للتفصيل في هذا الموضوع انظر مقالتنا تحت عنوان مصادر التشريع في الإسلام)، وكانت نتيجة التنقيب المضنية في بطون أمهات الكتب الصفراء على رفوف مكتباتهم، وإعمال النص الشرعي وتحكيم العقل فيها أن الغالبية الساحقة من علماء ذلك البلد الطيب ذهبوا إلى حرمة أن تقود المرأة السيارة بنفسها.
ولمّا كان هذا من الدين (فهو رأي أجمع عليه كبار العلماء) لم يجد آل سعود بدّاً (وهم طبعاً الحامين لهذا الدين المدافعين عنه في وجه كل قوى الشر على الأرض) من الالتزام بهذه الفتوى العظيمة، فأمروا أن لا تصدر رخص قيادة المركبات للنساء، ورضي الشعب بهذا الحال مطمئنين إلى أنهم يطبقون شرع الله، منتقدين –في الوقت ذاته- لغيرهم من أهل الإسلام الذين يخالفون الشريعة عندما يتيحوا المجال للنساء أن تقود المركبات، لتستبيح حرمة الشوارع والطرقات. وقد كان ظنهم أن هذا حرام على النساء حلال للرجال حتى لو كان ذلك (للتخميس في الشوارع)، فالمرأة لا يحق لها أن تقود المركبة (حتى وإن كانت للضرورة، ففي شريعتهم الضرورات تبيح المحظورات إلا ما يخص المرأة)، أما الرجل فله الحق أن يفعل بالسيارة ما يشاء (حتى وإن كانت لغير الغرض الذي صنعت من أجله، ففي شريعتهم يقع ذلك في باب: "قل من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق").
المهم بالموضوع الفكرة البسيطة جداً وهي أن النساء لا تقود السيارة في السعودية لسبب شرعي (فما تسمى بــ هيئة كبار العلماء) ترى في ذلك مخالفة للدين، وكان هذا هو أمر الدين سنين عديدة وأعواما مديدة.
في السنة الحادية عشرة بعد الألفين للميلاد، يجتمع العاهل السعودي الملك عبد الله يجتمع ويتشاور مع هيئة "كبار ..."، ويخرج بالبيان التالي: "سيصار إلى السماح للمرأة بقيادة السيارة في السعودية"
ردة الفعل: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الملك عبد الله ينتصر لحق المرأة ويطبق شريعة الله في الأرض.
هل يجوز للمرأة أن تشارك في الانتخابات ؟
كان موقف السادة العلماء في "السعودية" قبل ربيع الثورات العربية يتلخص في المواقف التالية:
الغالبية الساحقة من العلماء وعلى رأسهم "هيئة كبار ..." قالوا: لا يجوز للمرأة أن تشارك في الانتخابات لا مرشحة ولا ناخبة
بعض العلماء قالوا: يجوز للمرأة أن تنتخب لكن لا يجوز لها أن تترشح
قليل من العلماء المستقلين ظن: يجوز للمرأة أن تترشح وأن تنتخب
أما الحكومة السعودية التي " تحمي دين الله على الأرض" كان لزاماً عليها أن تطبق فتوى "هيئة كبار ..." وتلتزم بها، وأما الشعب فكان راض أشد الرضا عن فتوى علماءه ومنهج وسلوك حكومته التي تطبق شريعة الله على الأرض.
في السنة الحادية عشرة بعد الألفين، يجتمع العاهل السعودي الملك عبد الله يجتمع ويتشاور مع هيئة كبار ...، ويخرج بالبيان التالي: "سيصار إلى مشاركة المرأة في الانتخابات المحلية مرشحة ومنتخبة وستشارك كذلك في مجلس الشورى اعتباراً من الدورة القادمة ضمن الضوابط الشرعية
ردة الفعل: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الملك عبد الله ينتصر لحق المرأة ويطبق شرع الله في الأرض
تساؤلات:
سبحان الله: ألم يحرم على المرأة أن تسوق المركبة بفتوى هيئة كبار...؟
ألم يحرم على المرأة أن تشارك في الانتخابات المحلية بفتوى هيئة كبار ...؟
ألم يحرم على المرأة أن تكون عضواً في مجلس الشورى بفتوى هيئة كبار ...؟
والآن
ألا يحل للمرأة أن تسوق المركبة بفتوى هيئة كبار ...؟
ألا يحل للمرأة أن تشارك في الانتخابات المحلية بفتوى هيئة كبار ...؟
ألا يحل للمرأة أن تكون عضواً في مجلس الشورى بفتوى كبار ...؟
السؤال: هل هذا هو الدين؟ هل الدين في الأمس يختلف عن الدين اليوم؟ من الذي حرّم ومن الذي أحلّ؟ هل فعلاً هذا هو شرع الله: بالأمس حرام واليوم حلال؟
الجواب: لا أظن أن هذا يمكن أن يحصل إلا في بلاد يدين أهلها بدين "هيئة كبار..."، وإياكم أن تحاولوا إقناعي أن هذا هو دين الإسلام الذي ارتضاه الله لعباده في قوله تعالى:
... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا المائدة (3)
فتوى عدم جواز الخروج على الحاكم لعلماء اليمن
عاد عبد الله على صالح إلى أرض اليمن منتصراً على الجروح التي أحرقته مع صحبه في ثورة اليمن بعد رحلة علاج استمرت أشهرا في السعودية، استطاع مهرة التجميل أن يعيدوا لصالح جزءاً كبيراً من سمرة وجهه اليمني الشاحب بعد أن أعطبته القنابل، نام صالح في فراشه في المستشفى أياماً وليال، وكما يفعل الناس عندما تصيبهم الأمراض ويدخلون المستشفى (وخصوصاً غرفة العناية الحثيثة لمن كانت حالته صعبه) يبدءون بمراجعة أنفسهم، مراجعة تاريخهم الحافل بالذكريات، مستذكرين ما قدّمت أيديهم سوءاً كان أم خيرا، وغالباً ما تكون تلك الوقفة مع النفس صادقة، لأنّ الإنسان ربما يشعر حينها بدنو أو اقتراب أجله، ويخلص إلى نتيجة غالباً ما تكون متشابهة عند كل من يمر في مثل تلك التجربة من أبناء الإسلام والمسلمين، نتيجة مفادها تفاهة هذه الحياة الدنيا، وأنها لا شك زائلة بكل ما فيها، وأنّ الحقيقة تتمثل فقط فيما يأخذ الإنسان معه للدار الآخرة من زاد التقوى، لذا تصبح هذه التجربة أقرب ما تكون إلى رحلة التوبة والعودة إلى الله، فيستغفر الإنسان عن ما اقترفت يداه من ذنب، ويعقد العزم على أن لا يعود لمثله (وهي بالطبع شروط التوبة الصادقة).
هذا – أظن- ما حصل مع الرئيس اليمني بعد تجربته المريرة في المستشفى، ويصدّق زعمي هذا ما فعل الرجل بعد عودته مباشرة، فقد كان أول ما فعل يوم أن عاد إلى أرض الوطن هو أن طلب من علماء الدين في اليمن أن يجتمعوا، ويقدموا له الفتوى الصحيحة الخالصة لله في خروج المتظاهرين إلى الشوارع، فقد كان صالح يودّ أن يعرف إن كان هذا يقع في باب الخروج على الحاكم. وربما لا أجاوز الحق كثيراً عندما أظن أن علي عبد الله صالح كان سيقبل بتلك الفتوى مهما كانت (فهو قد عاد للتو من المستشفى وقد راجع تاريخه الطويل على فراش الشفاء واتخذ قراره بالتوبة إلى الله عن ما اقترف من ذنوب خلال مشوار حياته الحافل:
- فالرجل لن يسرق أموالاً أخرى من اليمن (زيادة عن ما كان قد نهب في السابق)،
- والرجل لن يقتل من اليمنيين أكثر مما قتل سابقاً (سواء كانوا حوثيين أم قاعدة أم من بني الأحمر،
- والرجل لن يسلم مقاليد الحكم لأبنائها وأبناء أخيه أكثر مما سلمهم سابقا،
- والرجل لن يوقّع على اقتطاع أراض أخرى من أرض اليمن لدول مجاورة أكثر مما أعطى سابقاً،
- والرجل لن يستقوي بالأمريكيين ولا بغيرهم على "شياطين" الأرض من اليمنيين أكثر مما فعل سابقاً،
- والرجل لن يبقى في السلطة أكثر من ثلاثين سنة قادمة أخرى (فهو قد أمضى ثلاثين سنة سابقة ويكفيه أن يكمل ثلاثين أخرى وعندها سيسلم السلطة لغيره من أبناء اليمن الأوفياء)،
- والرجل سيحتكم دائماً إلى صناديق الاقتراع لفض الخلاف مع المعارضة في كل صغيرة وكبيرة كما كان يفعل دوماً على مدى الثلاثين سنة الأولى من حكمه الرشيد (فالديمقراطية في اليمن لا تجاريها ديمقراطية سويسرا أو النرويج والدنمرك)،
- والرجل لن ...
- والرجل لن ...
- الخ
المهم في الموضوع: تجتمع رابطة علماء اليمن ليقدموا الفتوى والنصح لرئيسهم التائب عن الذنب، والعائد من أرض الحجاز (ربما كـ يوم ولدته أمه)، والجميل في فعلتهم تلك أنهم لم يحتاجوا إلى أكثر من اجتماع لمرة واحدة، ليخرج الدخان الأبيض من مداخن كهنوتهم ليدل على أنهم قد توصّلوا إلى اتفاق حول شريعة ربهم الذي في السماء فيما يخص ربهم الذي على الأرض، فتنفرج سرائر الناس لسماع الخبر:
الفتوى: عدم جواز الخروج على وليّ الأمر
المطلوب: تكبير: الله أكبر الله أكبر الله أكبر ظهر الحق وبطل الباطل إن الباطل كان زهوقاً
الدماء التي سالت في اليمن، الأنفس التي أزهقت في الثورة، الجهد الذي بذل من أجل التحرر كان كله من أجل الشيطان- حسب فتوى هيئة علماء اليمن، أليس كذلك؟
السؤال: هل هذا هو الدين؟ هل فعلاً هذا هو شرع الله: يقتل الناس في الشوارع، يقصف الناس في بيوتهم، يموت الأطفال وتترمل النساء، يحدث كل ذلك بالغارات الجوية وبمدافع الهاون وبقذائف الدبابات ثم لا يجب على الناس إلا أن يقولوا سمعاً وطاعة؟
لا أظن أن هذا يمكن أن يحصل إلا في بلاد يدين أهلها بدين "رابطة علماء اليمن"، وإياكم أن تحاولوا إقناعي أن هذا هو دين الإسلام الذي ارتضاه الله لعباده في قوله تعالى:
... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا المائدة (3)
فتوى الشيخ محمد سعيد البوطي بجواز السجود لبشار الأسد
تندلع الثورة في سوريا كما اندلعت في أكثر من مكان في بلاد العرب، تتصدى قوى الأمن والشبيحة لهذه المظاهرات، يخرج النظام على العالم ليحذر من خطر الجماعات المسلحة التي تعيث فساداً في سوريا بسبب دورها المقاوم والممانع في المنطقة، تشتد الأزمة، يجتمع السيد الرئيس ذو العنق الطويل مع مشايخ سوريا في ليلة رمضانية على مائدة الإفطار، يتناول كل منهم كأسا فيه شراب ليكون أول فطوره بعد صيام دام يوماً كاملاً، يقول كل منهم ما يقوله الصائم عند الإفطار:
اللّهمّ لك صمت وعلى رزقك أفطرت
يشرب الحاضرون جميعاً من الكأس الموضوعة على الطاولة، وما هي إلا لحظات حتى يكتشف كل منهم أن الذي شربوه من الكأس كان دم حمزة الخطيب، وأمثاله من أطفال درعا وحمص وبانياس ودير الزور و...
ما نود أن نعرفه من هؤلاء الذين حضروا المأدبة تلف رؤوسهم العمائم البيضاء و وجوهم اللحى الطويلة والقصيرة هو: كيف كان طعم دم حمزة الخطيب؟ هل يقارن بنبيذ الشام الأحمر؟ لا شك أنه أزكى من مشروبات المنتجات السورية المحلية التي كانت تنافس بيبسكو وكوكا كولا!
وماذا عن الطعام؟
لقد وجد أصحاب العمائم شتى أصناف الطعام على الطاولة ولكن الذي كان يميّز تلك الوليمة وجبة جديدة في شكلها وطريقة تقديمها، لذا كان يصعب على المشايخ معرفتها مباشرة، شكلها شكل كبد مطبوخة بيد أمهر الطهاة، تسارع الجميع للحصول على حصّة منها، وعندما حاول بعضهم معرفتها وسأل عنها قالوا لهم أن تلك الكبد هي كبد حمزة الخطيب وأمثاله من أطفال درعا وحمص وبانياس ودير الزور و...
حاول السيد الرئيس أن يزيل اللثام عن كيفية وصول الكبد إليه فقال: لربّما سمعتم ما قالته واحدة من المطربات (اللواتي طالما اهتممنا بهنّ في بلادنا سوريا حتى غدونا ننافس مصر ونتفوق عليها في الرقص والغناء والتمثيل بما قدمناه من رعاية لهم ودعم في بلدنا الحبيب) لقد قالت في أغنيتها تلك أنها بعثت برسالة إلى عشيقها ورسمت عليه صورة نصف قلبها لتسأله عن تعليقه على الموضوع فقالت:
نص القلب رسمته وبكعب الصفحة كتبتله شو تعليقك ع الموضوع
فجاء رد عشيقها الذي أحبها لدرجة الجنون ليقول لها أن رسم نصف القلب لا يكفي للتعبير عن حب المعشوق، فقام برسم القلب كله ورد عليها بالقول:
أللي بده الثاني يحب بيرسمله قلبه كله
وأنا كرئيس للبلد – ارتفع صوت الرئيس بالقول للحاضرين- وبسبب حبى (لا بل عشقي) لقلب حمزة الخطيب وأمثاله من أطفال سوريا فأنا على استعداد لا أن أرسم نصف القلب كما فعلت هي ولا أن أرسم القلب كاملاً كما فعل هو بل أنا على استعداد (على استعداد، على استعداد...
أن أطلعله قلبه كله
صفق الحاضرون من المشايخ (بالرغم من حرمة التصفيق إلا أن الموقف أكبر من أن يحتملوا السكوت فيه) منبهرين بشدة حب رئيسهم لأكباد أطفال بلده!
ما نود أن نعرفه من هؤلاء الذين حضروا المأدبة تلف رؤوسهم العمائم البيضاء ووجوههم اللحى الطويلة والقصيرة هو: كيف كان طعم كبد حمزة الخطيب؟ هل يقارن بكبد الخراف السورية التي يفوق سعرها أضعاف ما يستورد من استراليا والبرازيل؟
في ذلك الاجتماع المشهود طلب السيد الرئيس من المشايخ الأجلاء إبداء الرأي الديني (أي الفتوى الشرعية فيما يحصل على أرض الشام من مؤامرة خارجية وداخلية لإسقاط نظام خليفة الله وابن خليفة الله في الأرض)، جاء الجواب سريعاً بعد أن كانت البطون قد امتلأت بما توافر على المائدة من ملذات الطعام والشراب:
"هذا خروج على الحاكم محرم شرعاً"
وذهب كبيرهم الذي علّمهم السحر ويسمى محمد سعيد البوطي إلى أكثر من ذلك: وجوب السجود لخليفة الله في الأرض، ولسان حاله يقول ألم يسجد أخوة يوسف ليوسف يوم أن دخلوا عليه ورفع أبويه على العرش؟ ما الفرق إذاً بين بشار الأسد وعزيز مصر؟ أليس بشار هو عزيز الشام؟ ألم يتعامل بشار (وأبوه حافظ من قبله) مع كل أهل الشام على أنهم إخوته؟ ألم تدخل مفردة "الرفيق" بمعناها الجديد في قاموس اللغة بسبب الثورة التصحيحية الخالدة؟ لم إذا لا يبادلونه الود بالود؟ لم لا يخروا له سجداً كما فعل إخوة يوسف مع أخيهم الذي رفعه الله فوقهم؟
السؤال: هل هذا هو الدين؟ هل فعلاً هذا هو شرع الله؟ أن يخر الناس سجداً لربهم الذي في الشام؟ أن يخر الناس سجداً لربهم الذي في الأردن؟ أن يخر الناس سجداً لربهم الذي في السعودية؟ أن يخر الناس سجداً لربهم الذي في قطر؟ أن يخر الناس سجداً لربهم الذي في البحرين؟ الخ. ولكن هناك مشكلة بسيطة: كم رباً سيسجد الناس له في العراق؟
الجواب: لا أظن أن هذا يمكن أن يحصل إلا في بلاد يدين أهلها بدين "محمد سعيد البوطي وأمثاله"، وإياكم أن تحاولوا إقناعي أن هذا هو دين الإسلام الذي ارتضاه الله لعباده في قوله تعالى:
... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا المائدة (3)
وللحديث بقية
بقلم د. رشيد الجراح 5/10/2011