قصة يونس - الجزء التاسع
بعد محاولتنا مناقشة التساؤلات التالية:
- كيف دُحِض الرجل؟
- وهل كان وحده عندما دُحِض؟
- ومن اللذين دُحِضوا معه؟
- ومن هم اللذين دَحَضوا ذا النون ومن كان معه؟
افترينا القول في الجزء الثامن من هذه المقالة أن ذا النون لم يكن وحيدا في مواجهته مع خصمه، وحاولنا استنباط ذلك من الآية الكريمة التالية:
فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ (141)
وكانت النتيجة التي حاولنا تسويقها حينئذ هي أن ذا النون قد وجد نفسه في مواجهة مباشرة مع خصمه، فما أن خسر المعركة الفكرية معه (كما حصل مع فرعون في مواجهته لموسى) حتى أصبح مكظوما، وهناك لم يتبقى لديه وسيلة للمواجهة غير المناداة، فنادى الرجل وهو مكظوم:
فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48)
فظننا أنه قد خرج مناديا مَنْ حوله، طالبا النصرة منهم على خصمه، وافترينا الظن بأنه لم يلبى نداء ذي النون ذاك إلا من وجد أن النداء يخصه، وأن عليه واجب النصرة.فذهب ذو النون (مع من لبى نداءه) متجها نحو البحر، ويمكن تشبيه ذلك بما فعل فرعون عندما خرج مطاردا موسى ومن معه، وهناك عند البحر حصلت المواجهة العسكرية بين الطرفين (للتفصيل انظر الجزء السابق)
فما الذي حصل بعد ذلك؟
هذا ما سنتابع البحث عنه في هذا الجزء الجديد من هذه المقالة، مبتدئين النقاش بالخوض في بقية التساؤلات التي طرحناها في الأجزاء السابقة الخاصة بقصة ذي النون (صاحب الحوت)، نذكر منها مرة أخرى:
- لماذا سُمِّي يونس بصاحب الحوت؟
- لماذا توجه إلى البحر عندما ذهب مغاضبا أصلا؟
- لماذا لم يذهب إلى مكان آخر غير البحر؟
- وأين ذلك البحر الذي ذهب نحوه؟
- وكيف أبق إلى الفلك المشحون؟
- وما هو ذلك الفلك الذي أبق الرجل إليه؟
- ولماذا أبق إلى فلك المشحون أصلا؟
- ولماذا ساهم هناك؟
- وكيف ساهم؟
- الخ
أما بعد،
ما أن التقم يونسَ (ذا النون) الحوتُ حتى أصبح الرجل يسمى بصاحب الحوت، فتسميته بصاحب الحوت لها (نحن نظن) علاقة مباشرة بذلك الحوت الذي التقمه:
فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142)
الفصل الأول: باب الحوت
تساؤلات
- ما معنى أن يونس هو صاحب الحوت؟
- أو لماذا سُمِّي يونس بصاحب الحوت؟
- وما هو ذلك الحوت الذي التقم يونس؟
- ولماذا التقمه الحوت؟
- وأين التقمه؟
- وكيف التقمه؟
- هل استقر يونس في بطن الحوت؟
- لماذا أُخرج من بطن الحوت؟
- لِم لم ينجيه ربه دون الحاجة أن يلتقمه الحوت؟
- وكيف أخرج من بطن الحوت؟
- وكم مكث في بطنه؟
- وأين هو ذلك الحوت؟
- الخ
أما بعد،
بداية، إذا كنا نعلم أن الرجل قد أصبح يسمى بصاحب الحوت لأنه دخل في الحوت بعضا من الوقت، ربما كما دخل أصحاب السفينة في سفينتهم:
فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ (15)
أو كما يدخل أصحاب القرية في قريتهم:
وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13)
فالسؤال البديهي – بالنسبة لنا- هو: ما معنى أن يكون يونس صاحب الحوت؟
رأينا المفترى: نحن نظن أولا أن الصاحب هو الذي يعاصر صاحبه فترة محدودة من الزمن، شريطة أن لا يكون ذلك على الدوام. فأصحاب السفينة – مثلا- لم يمكثوا فيها طيلة حياتهم، ولكنها كانت الأداة التي أقلتهم فترة من الزمن حتى النجاة من الطوفان.
كما نفتري الظن أيضا بأن الصاحب لا يملك الشيء على الدوام، فلا شك أن أصحاب السفينة ليسوا هم من يملك تلك السفينة، أليس كذلك؟ ولو راقبنا الآية الخاصة بأصحاب السفينة على وجه التحديد في سياقها القرآني الأوسع لربما وجدنا فيها شيئا عجيبا، وهو أن من بنا السفينة (أي نوح نفسه) لم يكن من أصحابها:
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14) فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ (15)
فلو نظرت - عزيزي القارئ- في هذا السياق القرآني نفسه، لربما وجدت أن النجاة قد حصلت لـ طرفين اثنين، وهما:
1. نوح نفسه (فَأَنجَيْنَاهُ)
2. أصحاب السفينة (وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ)
فلو كان نوح من أصحاب السفينة، لما كان هناك داع (نحن نفتري القول) للفصل بين الطرفين في النجاة، ولربما جاء النص القرآني على النحو التالي:
فأنجينا أصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين
ولكان نوح حينها من أصحاب السفينة، مثله في ذلك مثل كل من ركب السفينة معه. لكن المفارقة العجيبة التي تنبِّهنا إليها الآيات الكريمة الخاصة بقصة سفينة نوح هي (كما نفهمها) على النحو التالي: بالرغم أن السفينة قد جرت بهم جميعا، إلا أن واحدا من بين جميع ركابها (وهو نوح نفسه) لم يكن من أصحابها.
نتيجة مفتراة من عند أنفسنا: بالرغم أن نوح هو من صنع الفلك بيده، وبالرغم أنه قد ركبها مع الآخرين اللذين حملهم فيها إلا أنه لم يكن من أصحاب السفينة.
السؤال المطروح على الفور هو: لماذا؟ أي لماذا لم يكن نوح من أصحاب السفينة؟
رأينا المفترى: نحن نظن أن السبب ربما يكمن في الحقيقة التي ربما يصعب المجادلة فيها وهي أن نوحا هو من بنا السفينة بنفسه. ليكون الافتراء الذي نحاول جاهدين تقديمه هو أن صاحب السفينة لم يكن هو من قام ببناء السفينة ولكنه من ركبها واستقر فيها فترة من الزمن من أجل غاية محددة بعينها وهي النجاة من الغرق. انتهى.
وربما ينطبق مثل هذا المنطق المفترى من عندنا على أصحاب القرية:
وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13)
فأصحاب القرية ليس بالضرورة أن يكونوا هم اللذين بنوها، ولكنهم هم من سكن فيها قسطا من الزمن، ثم ما لبثوا أن تركوها لغيرهم:
وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ (24) كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (28)
وهذا المنطق ينطبق على أصحاب الكهف الذين أووا إليه لينشر لهم ربهم من رحمته فيه:
وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا (16)
نتيجة مفتراة: صاحب الشيء (كالسفينة أو القرية أو الكهف أو الجنة أو النار، الخ) هو من جاء ليجد ذلك الشيء دون تدخل منه، فما يكون منه إلا أن يستفيد من ذلك المكان لغرض محدد فترة من الزمن (بغض نظر عن طولها)، ثم ما يلبث أن يتركه وراءه ليستفيد منه غيره، وهكذا.
السؤال مرة أخرى: لماذا إذن لم يكن نوح صاحب السفينة؟
رأينا: لأنه لو كان نوح هو صاحب السفينة، لربما حُقّ لنا أن نخرج بالاستنباطات الخاطئة التالية:
- أن نوحا لم يبني السفينة بنفسه
- أن نوحا قد استخدم السفينة فترة محدد من الزمن
- أن نوحا قد ترك السفينة لتكون من نصيب آخرين من وراءه
- الخ
السؤال: أين الدليل على أن الأمر لم يحصل على تلك الشاكلة؟
رأينا: نحن نظن أن الدليل هو على النحو التالي:
- أن نوحا هو من بنا السفينة بنفسه:
وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ (37)
فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ (27)
- أن السفينة لم تستخدم من قبل الأمم التي حملها نوح معه لغرض آخر:
قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48)
- أن السفينة لم يرثها أحد من الأمم الذين جاءوا بعد نوح
وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ (14) وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (15)
- الخ
نتيجة مفتراة: مادام أن نوحا هو من صنع السفينة، فهو إذن مالكها وليس صاحبها، وشتان بين أن تكون مالك الشيء أو أن تكون صاحبه فقط. لذا لا يحق لغيره أن يستخدمها دون إذن من نوح نفسه، كما لا يحق لغيره أن يدّعي ملكيتها. والحالة هذه، بقيت تلك السفينة متروكة آية (وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً)، ولازالت قابعة في ذلك المكان الذي تركت فيه، وجعلت آية للعالمين:
فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ (15)
نتيجة مفتراة خطيرة جدا: مادام أن سفينة نوح قد جعلت آيَةً لِّلْعَالَمِينَ، لذا فهي لازالت (نحن نؤمن) موجودة حتى يومنا هذا، وستظهر عندما يأذن الله بذلك ليرينا إياها بأم أعيننا:
وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93)
(دعاء: الحمد لله، واللهَ وحده أسأل أن أكون أول من يرى آيته هذه فيعرفها، إنه هو السميع العليم – آمين)
نخلص من هذا النقاش بالتصور التالي: لمّا كان نوح ليس من أصحاب السفينة، كان نوح هو من صنعها بنفسه، وهو من أعدّها لأصحابها ليستقلوها فترة محدّدة من الزمن. وذلك لأن الصاحب (كما زعمنا سابقا) هو من يلازم شيئا ما كان موجودا من ذي قبل، فاستخدمه فترة من الزمن ثم ما لبث أن تركه، ويمكن التدليل على ذلك من الأمثلة التوضيحية التالية:
أولا، أصحاب النار
لعل أكثر تكرار لمفردة أصحاب في النص القرآني قد جاءت ملازمة للنار، كما في الآيات الكريمة التالية
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)
بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81)
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ۖ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ۗ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217)
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۚ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(116)
إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29)
وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36)
وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47)
وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ۚ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50)
وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۖ مَّا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ ۖ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا ۚ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27)
وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5)
وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ ۚ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا ۖ إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8)
وَكَذَٰلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (6)
لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43)
لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا ۚ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (17)
لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۚ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20)
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (10)
وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً ۙ وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ۙ وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ ۙ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ۚ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ (31)
وهناك أصحاب الجحيم:
إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۖ وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119)
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (10)
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (86)
مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113)
وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (51)
وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ ۖ وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19)
وهناك أصحاب السعير:
إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)
وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10)
فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)
وهناك أصحاب المشأمة:
وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (19)
ثانيا، هناك – بالمقابل- أصحاب الجنة:
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (82)
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (42)
وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ ۚ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ ۚ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۚ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46)
وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ۚ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50)
لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (23)
أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24)أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (14)
لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۚ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20)
إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17)
إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55)أُولَٰئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ ۖ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16)
نتيجة مفتراة: نحن نظن أن أصحاب النار أو أصحاب الجحيم أو أصحاب السعير أو أصحاب المشأمة أو حتى أصحاب الجنة هم من سيمكثون فيها فترة من الزمن، ولكن لا علاقة لهم بأعدادها. فالنار والجحيم والجنة قد أعدت لهم إعدادا:
فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ۖ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24)
وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131)
وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)
إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَىٰ وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ ۚ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ ۙ وَلَٰكِن لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42)
سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)
ولو تدبرنا الآية الكريمة التالية، لوجدنا أن هناك ملائكة هم أصحاب النار:
وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً ۙ وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ۙ وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ ۙ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ۚ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ (31)
وهم اللذين تكمن مهمتهم بالقيام عليها، ولكنهم (نحن نظن) لم يتدخلوا في إعدادها:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)
ثالثا، هناك أصحاب الأماكن التالية:
وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13)
وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)
أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ ۚ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (70)
وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ ۖ وَكُذِّبَ مُوسَىٰ فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (44)
وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80)
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (9)
وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَٰلِكَ كَثِيرًا (38)
وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (78)كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176)
وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ ۚ أُولَٰئِكَ الْأَحْزَابُ (13)
وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ ۚ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14)
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12)
رابعا، هناك أصحاب الأشياء التالية:
قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَىٰ (135)
وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُم بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48)
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1)
قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)
نتيجة مفتراة: نحن نظن أن أصحاب القبور هم من سكنوا القبور ولكنهم بكل تأكيد ليسوا هم من أعدوها لأنفسهم، فما أن يموت الإنسان حتى يتولى غيره مهمة إعداد القبر له. كما نؤمن يقينا بأن هؤلاء لن يمكثوا في تلك القبور إلى الأبد، فهم لا محالة مخرجون منها في يوم النشور:
وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ (7)
وبالمنطق نفسه، فنحن نفتري الظن بأن أصحاب الأخدود هم من تم إعداد الأخدود لهم، فوضعوا فيه كما يوضع أصحاب القبور في قبورهم.
خامسا، فكما أن هناك صحبة للأماكن وللأشياء، هناك أيضا صحبة الزمان، كأصحاب السبت مثلا:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (47)
فأصحاب السبت هم اللذين اعتدوا في يوم السبت وهم اللذين جُعِلوا قردة خاسئين:
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (47)
وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا (154)
وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163)
إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ ۚ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (124)
سادسا، وهناك صحبة للاتجاه، فهناك أصحاب اليمين أو الميمنة وهناك – بالمقابل- أصحاب الشمال أو المشأمة:
فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8)
وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9)
وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27)
لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ (38)
وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41)
وَأَمَّا إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90)
فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91)
إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39)
أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18)
سابعا، وهناك أيضا صحبة الأشخاص:
قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۖ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71)
فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61)
فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59)
بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ ۖ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101)
أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ۗ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ (184)
إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)
يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39)
يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ۖ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ ۚ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41)
وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34)
قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37)
قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي ۖ قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا (76)
وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15)
قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ۚ مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46)
مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ (2)
فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ (29)
وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12)
وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3)
وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36)
وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ (22)
لتكون النتيجة التي نحاول أن نفتريها من عند أنفسنا هي أن الصحبة لا يمكن أن تكون دائمة:
قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي ۖ قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا (78)
فأنت صاحب الشيء مادمت تستخدمه، ولكن إن أنت تركت صحبته، آلت ملكيته إلى شخص آخر، وانتهت صحبتك له هناك. فأصحاب السفينة لم يقضوا حياتهم كلها في السفينة، ولم يمكث أصحاب الكهف طيلة حياتهم في الكهف، وكذلك كان صاحبي يوسف في السجن:
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (9)
يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39)
يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ۖ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ ۚ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41)
فصحبة يوسف لهما بدأت في السجن، فقبل أن يدخل يوسف السجن لم تكن بينهما (نحن نتخيل) صحبة سابقة، وربما هذا ما صار الحال عليه بعد الخروج منه. فواحد منهم على الأقل لقي حتفه حتى قبل أن يخرج يوسف من السجن. وكذلك هم أصحاب الكهف اللذين لبثوا في كهفهم سنين عددا ثم بعثوا من بعد ذلك. وهم أنفسهم أصحاب الرقيم، لذا لا نتردد أن نفتري القول بأن الرقيم قد تنتهي عند آخرين غيرهم ماداموا أنهم ليسوا أكثر من أصحاب له. (للتفصيل انظر سلسلة مقالات كيف تم خلق عيسى بن مريم؟)
الدليل
دعنا نبحث عن الدليل بطرح التساؤل المثير التالي: لماذا يفر المرء من صاحبته عندما ستجيء الصّاخة؟
فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)
رأينا: لأنها ليست زوجته، فهي فقط صاحبته.
نتيجة مفتراة: نساء النبي لسن صاحبات النبي لأنهن لو كنا كذلك، لفر النبي منهن يوم تجيء الصّاخّة. لتكون النتيجة على النحو التالي:
- إذا كانت المرأة هي صاحبة الرجل فهو لا شك سيفر منها في ذلك اليوم الموعود
- إذا كانت المرأة هي زوج الرجل فلن يفر منها وستتزاوج نفسيهما في ذلك اليوم الموعود:
إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7)
(للتفصيل انظر مقالاتنا الخاصة بالمرأة وخاصة ماذا ستفعل النساء في الجنة؟)
نتيجة مفتراة 1: الصحبة مؤقتة ولا يمكن أن تكون أبدية
نتيجة مفتراة 2: الصاحب يترك صاحبه
نتيجة مفتراة 3: الصاحب المتروك قد يستخدمه الغير
السؤال المحوري: إذا كان يونس قد دخل في الحوت بعضا من الوقت، فأصبح هو صاحبه، فهل يعني أن الحوت قد استخدمه غيره؟
رأينا: إن ترك يونس ذلك الحوت، فلا بد أن غيره سيستخدمه، ولكن إن لم يترك يونس ذلك الحوت فسيبقى هو صاحبه مادام أنه مستخدم له، وهذا ما نحاول جاهدين أن نصل إليه بعد هذا النقاش ربما المطول عن مفردة الصاحب.
السؤال: وأين الدليل على ذلك الزعم (إن صح ما تقول)؟ ربما يريد صاحبنا أن يسأل
جواب: نحن نظن أن الجواب ربما يأتي بعد طرح التساؤل المثير التالي حول الحوت نفسه: أين ذهب ذاك الحوت؟
عودة على بدء: باب الحوت
بعد أن حاولنا البحث في النص القرآني كله عن الحوت، وجدناه قد ذكر في السياقات القرآنية التالية:
فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61)
قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)
فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142)
فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ (48)
ولو حاولنا تدبرها جيدا لخرجنا بداية بالاستنباط المفترى التالي: جاء ذكر الحوت في موضعين اثنين من كتاب الله فقط، وهما:
1. عند الحديث عن قصة موسى، وجاء ذلك في آيتين كريمتين:
فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61)
قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)
2. عند الحديث عن يونس، وجاء ذلك في آيتين كريمتين أيضا:
فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142)
فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ (48)
ولو حاولنا إمعان التفكير بهذه الآيات الكريمة أكثر، لخرجنا بالاستنباط المفترى التالي: جاء ذكر الحوت في جميع هذه الآيات بصيغة المعرفة. لتكون التساؤلات المثيرة هي:
- لماذا جاءت مفردة الحوت بصيغة المعرفة (الْحُوتِ، حُوتَهُمَا) في كل هذه السياقات القرآنية؟
- ما العلاقة بين الموضعين؟ أي ما العلاقة بين الحوت الذي التقم ذا النون (الْحُوتُ) والحوت الذي نسيه موسى وفتاه عند مجمع البحرين (حُوتَهُمَا)؟
- هل هما حوتان اثنان أم هما حوت واحد ظهر في الموضعين؟
- الخ.
رأينا المفترى والخطير جدا جدا: نحن نفتري الظن من عند أنفسنا أن الحوت الذي التقم يونس هو الحوت نفسه الذي نسيه موسى وفتاه عند مجمع البحرين.
الدليل
نحن نظن أن منطقنا المفترى من عند أنفسنا هذا يلزمنا ربط خيوط عنكبوتية بين القصتين: قصة الحوت الذي التقم يونس مع قصة الحوت الذي نسيه موسى وفتاه عند مجمع البحرين. لكن مثل هذا الافتراء الكبير يلزمنا إيجاد الدليل الذي يمكن أن يثبت من كتاب الله نفسه، لذا سنحاول أن نخط بيميننا ما ظننا أنه دليل من كتاب الله يثبت افتراءنا هذا، مؤكدين في الوقت ذاته أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع في جمع الأدلة التي قد تثبت أو ربما تنقض ما نزعم، سائلين الله وحده أن يهدينا جميعا إلى الحق الذي نقوله فلا نفتري عليه الكذب، إنه هو السميع العليم – آمين.
أما بعد،
قصة الحوت الذي نسيه موسى وفتاه
فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61)
قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)
تعرضنا لهذه الجزئية في سياق الحديث عن قصة موسى (انظر الجزء الرابع في تلك السلسلة من المقالات)، وقد حاولنا تفنيد روايات أهل الدراية السابقة كما نقلها لنا أهل الرواية في بطون أمهات كتبهم، وحاولنا أن نفتري قصة جديدة من عند أنفسنا عن قصة حوت موسى وفتاه الذي نسياه عند مجمع البحرين. وكان الافتراء الأكبر الذي حاولنا تسويقه حينئذ هو أن الحوت كان علامة اللقاء بين موسى وفتاه من جهة وذلك الرجل الذي جاء موسى يبحث عنه ليتعلم من عنده من جهة أخرى:
فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66)
لذا نحن نتجرأ على تقديم الافتراء الخطير جدا جدا التالي: جاء موسى مع فتاه إلى مجمع البحرين باحثا عن الحوت وصاحبه (أي عن صاحب الحوت). انتهى.
وقد حاولنا تسويق هذا الظن بالمنطق المفترى من عند أنفسنا التالي:
أولا، كان موسى قادماً مع فتاه من جهة اليابسة (حيث لا يوجد حيتان يأخذانه معهم في الرحلة كما زعم من سبقنا)، وكانا متجهين إلى البحر (حيث تكثر الحيتان – كما نتخيل). فليكن السؤال الأول الذي يجب أن يطرح الآن في هذا السياق هو: لماذا ذهب موسى مع فتاه باتجاه البحر؟ (ربما هذا ما ستبين الإجابة عليه لاحقا بعد متابعة النقاش، فالله أسأل أن يعلمني ما لا ينبغي لغيري إنه هو السميع المجيب – آمين)
ثانيا، مادام أن ذلك الحوت كان علامة ميقات موسى مع ذلك الرجل، فهو إذا حوت يختلف عن بقية حيتان البحر، فهذا حوت مميز جدا، لذا لأبد (نحن نظن) أنه سيقوم بفعل غاية في الغرابة (عَجَبًا). فما أن وصل موسى مع فتاه عند مجمع البحرين حتى جاء ذلك الحوت (علامة اللقاء بالرجل) وقام بفعل غاية في الغرابة، ولكن عندما نسي موسى وفتاه ذلك الحوت (فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا)، لم يشغلهما مجيء ذلك الحوت كثيرا، فما لاحظ ذلك العجب الذي فعله الحوت حتى رجع ذلك الحوت في البحر مع أسراب من الحيتان الأخرى، فاتخذ سبيله في البحر سربا، وكان ذلك عند مجمع البحرين:
فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61)
ولكن ما أن جاوز موسى مع فتاه مجمع البحرين، فمضيا حقبا، أي في رحلة بحرية، حتى طلب موسى من فتاه أن يجهز الغداء بسبب ذلك النصب من عناء الرحلة:
فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَٰذَا نَصَبًا (62)
وما أن تناول موسى وفتاه غداءهما، وحاولا أن يأخذا قسطا من الراحة حتى عاد فتى موسى ليتذكر تفاصيل الرحلة من جديد، باحثا في مخيلته في كل تفاصيل الرحلة السابقة، فما كان منه إلا أن فطن إلى واحدة من أهم تفاصيلها التي ظن أنه لم يركز عليها جيداً من ذي قبل، ألا وهي رؤية ذلك الحوت عند مجمع البحرين، ولكنه نسي أن يذكر ذلك لموسى:
قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)
ولو حاولنا التدقيق في التباين اللفظي بين هذه الآية والآية السابقة التي تتحدث عن الحوت لوجدنا فرقا جوهريا يخص حركة الحوت في البحر، ففي حين أن الفتى يرى الحوت يتخذ سبيله في البحر "سَرَبًا" عندما وصلا مجمع البحرين في البداية:
فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61)
يعود الفتى نفسه ليقول لموسى بملء فيه أنه قد رأى الحوت يتخذ سبيله في البحر عَجَبًا:
قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)
فما الفرق؟ ولماذا ظن الفتى أن الحوت قد اتخذ سبيله في البحر سَرَبًا في البداية؟ ولماذا عاد ليظن أن الحوت قد اتخذ سبيله في البحر عَجَبًا في النهاية؟
رأينا المفترى: نحن نتخيل أنه عندما وصل موسى مع فتاه عند مجمع البحرين قام ذلك الحوت بحركة غريبة جداً، فكان بذلك قد اتخذ سبيله في البحر عجبا (عَجَبًا)، ولكن الفتى ظن أنها حركة عادية من باب حركة الحوت في سربه (سَرَبًا)، أي الحركة الطبيعية المعتادة والمتوقعة من حوت في البحر، لذا لم تجلب انتباهه كما يجب، ولم يقم بإخبار موسى بذلك الحدث على الفور.
ولكن بعد أن جاوزا مجمع البحرين، وأنهكهما البحث عن الرجل فلم يجداه، اضطرا إلى أخذ قسط من الراحة، فتناولا طعام الغداء من عناء السفر، وأخذ الفتى يراجع في نفسه تفاصيل الرحلة من أولها إلى آخرها، فتذكر على الفور ذلك الحوت الذي ظن في البداية أنه قد اتخذ سبيله في البحر سَرَبًا، فطار إلى ذهنه – في ظننا- شيء لم يخطر على باله في البداية، فتوجه بحديثه إلى موسى بالقول أنه قد رأى الحوت المنشود عند مجمع البحرين، وأن ذلك الحوت قد اتخذ فعلا سبيله في البحر عَجَبًا:
قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)
ربما ليقول لموسى (نحن نتخيل) بأن الحوت قد قام بحركة عجيبة ليست كحركة الحيتان التي تتخذ طريقها في البحر سربا (بالطريقة الطبيعية). عندها ما كان من موسى إلى أن يرد على قول الغلام بالتالي:
قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ۚ فَارْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصًا
وهنا نصل إلى ذروة مبتغانا من هذا النقاش، فنتوقف لنسأل القارئ الكريم سؤالاً واحد ربما يصدّق جوابه ظننا هذا، والسؤال هو: على ماذا يعود اسم الإشارة " ذَٰلِكَ" في الآية الكريمة نفسها؟
رأينا: يعود اسم الإشارة على الحوت، أليس كذلك؟
افتراء من عند أنفسنا: إن صح ظننا بأن اسم الإشارة ذَٰلِكَ يعود على الحوت، فإننا نستطيع أن نستنتج بأن الحوت لم يكن محمولاً مع موسى وفتاه ولكنه كان هو الهدف المنشود في بحثهما عن الرجل. فموسى وفتاه كانا يبغيان الحوت الذي يتخذ سبيله في البحر عجباً (ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ). فهم قد خرجا من ديارهما وتوجها جهة مجمع البحرين، وكانت بغيتهما ذلك الحوت (ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ) الذي يتخذ سبيله في البحر عجباً (وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا)، فما كان منهما إلا أن يرتدا على آثارهما قصصا (فَارْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصًا) إلى المكان الذي وجد فيه ذلك الحوت عندما بلغا مجمع البحرين. وما أن يصلا إلى المكان حتى وجدا ذلك الرجل ينتظرهما عند الصخرة:
فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65)
السؤال الأول: لماذا كان الحوت هو علامة "ميقات" موسى مع ذلك الرجل؟
السؤال الثاني: ما هو ذلك الحوت؟
السؤال الثالث: ولماذا كان موسى يبحث عنه؟
السؤال الرابع: ومن هو ذلك الرجل الذي ارتبط وجوده بالحوت فطلب موسى صحبته؟
رأينا: نحن نظن أن إشارة لقاء موسى مع ذلك الرجل كانت ذلك الحوت الذي يتخذ سبيله في البحر عَجَبًا، فارتبط وجود ذلك الرجل (الذي خرج موسى باحثا عنه) بوجود العلامة الدالة عليه وهو الحوت (ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ)، وذلك لأن ذلك الحوت –ببساطة- سيقوم بشيء عجبا أمام ناظريهما، والعجب – برأينا- هو ما يصعب على الناس تصديقه كالأمثلة التي ترد في الآيات الكريمة التالية:
أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ ۗ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ (2)
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (9)
قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1)
نتيجة مفتراة: العجب هو ما يصعب على الناس تصديقه أو حتى فهم كيفية حدوثه.
السؤال: ما هو الشيء العجب الذي قام به الحوت وربما سيصعب عليكم تصديقه إن نحن صرحنا به؟
قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)
افتراء خطير جدا جداً هو بلا شك من عند أنفسنا: لقد جاء ذلك الرجل الذي ذهب موسى ليطلب العلم عنده من ما وراء مجمع البحرين (أي من البحر) راكباً الحوت، فكان الحوت هو وسيلة نقله من البحر إلى عند الصخرة، حيث موعد اللقاء مع موسى. فأنزله الحوت عند الصخرة بطريقة العجب، وعاد ليتخذ سبيله في البحر سربا مع مجموعة من الحيتان بعد أن قام بما هو عجبا عندما أنزل الرجل عند الصخرة التي هي عند مجمع البحرين. فـ فتى موسى لم يلاحظ في البداية كيف قام ذلك الحوت بإنزال الرجل عند الصخرة، وانتبه فقط عندما عاد الحوت في سربه، ولكن بعد أن حاول استرجاع الشريط في ذهنه مرة أخرى، تذكر أن ذلك الحوت الذي دخل في سربه (سَرَبًا) كان قد نزل إلى الماء من اليابسة (أي من عند الصخرة) بعد أن أنزل من كان يحمله على ظهره (عَجَبًا). فهل تصدق ذلك عزيزي القارئ؟
إذا كان ربما يصعب عليك – عزيزي القارئ- تصديق هذا الخيال العجيب، فإن الأكثر عجبا منه هو ما سيأتي تاليا عن قصة الحوت نفسه الذي التقم يونس، لذا نحن نطالب القارئ الكريم قبل أن يقحم نفسه في خضم هذه الافتراءات ربما غير المسبوقة بما يلي:
1. أن ينظر إلى ما نقوله على أنه قول بشري قابل لأن يكون صحيحا كما أنه قابل أن يكون خاطئا، لذا فالبحث عن الدليل الذي يؤكد أو يدحض هذه الافتراءات هي مسؤولية جماعية
2. أن القناعة بما سنقول هي مسألة فردية يتحمل القارئ نفسه تبعاتها، فنحن لا نلزم أحدا بأن يقتنع بما نقول
3. أن نقل الأفكار يتطلب الأمانة العلمية، فلا داع إلى القص واللصق كما يحلو للناقل، فالمكان الصحيح لأخذ الأفكار هي سياقها الذي وردت فيه، لذا يجب على من أراد الخوض في هذه الأفكار أن يقرأها بنفسه من مصدرها.
4. أن الطريقة الأسهل والأسلم هي ترك هذه الأفكار وصاحبها والبحث عن الحقائق في كتاب الله نفسه
5. الخ
أما بعد،
قصة الحوت الذي التقم ذا النون: فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ
السؤال: ما الذي حصل بعد أن التقم الحوتُ يونسَ؟
جواب: مكث يونسُ في داخل الحوت قسطا من الزمن.
السؤال: وما الذي حصل بعد ذلك؟
جواب: تدارك الله يونس بعمة منه، فما لبث في بطن الحوت إلى يوم يبعثون
السؤال: لماذا تدارك الله يونس بنعمة منه؟
جواب: لأن يونس كان في سابق عهده كان من المسبحين:
فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ (143)
السؤال: ما الذي كان يمكن أن يحدث لو أن يونس لم يكن من المسبحين؟
جواب: لما تداركه الله بنعمة منه.
السؤال: وما الذي كان سيحدث لو أن الله لم يتدارك يونس بنعمة منه؟
جواب: للبث يونس في بطن الحوت إلى يوم يبعثون:
فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)
سؤال خطير جدا: كيف كان من الممكن أن يلبث يونس في بطن الحوت إلى يوم يبعثون؟ ألم يكن ذلك الحوت نفسه سيفنى؟
رأينا الخطير جدا: مادام أن يونس كان من الممكن أن يلبث في بطن الحوت إلى يوم يبعثون، فإن ذلك الحوت ليس حوتا عاديا كغيره من حيتان البحر، بدليل أنه من الممكن أن يبقى حيا إلى يوم يبعثون.
نتيجة مفتراة خطيرة جدا: هذا الحوت هو حوت معرف بذاته، جاء على الدوام بصيغة المعرفة في جميع السياقات القرآنية التي ورد فيها، وذلك لأنه – برأينا- موجود من قبل صاحبه وسيظل موجودا حتى يوم يبعثون.
السؤال: ما الذي حصل نتيجة تدارك الله يونس بنعمة منه؟
جواب: خرج يونس من بطن الحوت، فما لبث فيه إلى يوم يبعثون، فنبذ يونس في العراء:
فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ (145)
السؤال: كيف تمت العملية؟
جواب: نحن نتخيل أن الذي حصل كان على النحو التالي: ما أن تمت هزيمة يونس في مواجهته البحرية مع خصمه حتى كان من المدحضين:
فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ (141)
فسقط يونس في البحر، وهناك جاء هذا الحوت (المعرّف بذاته)، فيسره الله له، فالتقم يونس على وجه التحديد من بين جميع المدحضين:
فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142)
وانظر عزيزي القارئ في صيغة التعريف التي جاء فيها لفظ الحوت هنا، ربما ليدلنا أن هذا الحوت معهود من ذي قبل صاحبه، ويمكن تشبيه ذلك بالكهف الذي كان معهودا من قبل أصحابه اللذين أووا إليه، وهكذا.
وهناك بالضبط نادى يونس في الظلمات بندائه الشهير:
وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87)
السؤال: ماذا كانت نتيجة تلك المناداة؟
رأينا: حصلت الاستجابة الربانية له بالنجاة على الفور:
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)
السؤال: كيف تمت النجاة له من الغم؟
تخيلات من عند أنفسنا: ما أن نادي يونس في الظلمات، حتى حصلت الاستجابة الربانية له على الفور، فجاء الأمر الإلهي لذلك الحوت بأن يحمل يونس ويتجه به نحو اليابسة، ليقذف إلى منبوذا في العراء، ويعود من هناك إلى البحر في حركة أغرب من الخيال، فيكون ذلك الحوت قد اتخذ سبيلا له في البحر عَجَبًا (بالضبط كما فعل عند مجمع البحرين عندما جاء موسى وصاحبه اللذان جاءا طالبين له):
قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)
نتيجة مفتراة مهمة جدا: استطاع ذلك الحوت الذي من المفترض أنه يعيش في الماء أن يصل إلى اليابسة ليفرغ حمولته هناك. فحصل ذلك مرتين:
1. حصل ذلك عندما التقم يونس من البحر ليتركه منبوذا بالعراء:
فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ (145)
2. وحصل ذلك مرة أخرى عندما جاء يحمل الرجل الذي جاءه موسى ليتعلم عنده وكان ذلك عند مجمع البحرين:
قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)
السؤال الكبير جدا جدا: ما العلاقة بين الموقفين؟
رأينا المفترى والخطير جدا جدا 1: كان الحوت الذي نقل حمولة من الماء إلى العراء (اليابسة) هو الحوت نفسه في كلا الموقفين، فذلك الحوت لم يفنى مادام أن يونس (كما أسلفنا) كان من الممكن أن يلبث في بطنه إلى يوم يبعثون
رأينا المفترى والخطير جدا جدا 2: كانت حمولة الحوت هي نفسها في الموقفين، إنه الرجل نفسه: إنه يونس (صاحب الحوت)، فصاحب الحوت هو الذي كان يأوي إليه
رأينا المفترى والخطير جدا جدا 3: صاحب الحوت يونس هو العزير نفسه الذي ظن بعض اليهود أنه ابن الله. فابن الله في الديانة المسيحية هو المسيح، لذا فإن اعتقاد أهل تلك العقيدة أن ابن الله لا يموت ولكنه جزء من الإله الأب الذي هو قيّوم السموات والأرض، وبالمنطق نفسه كان اعتقاد بعض اليهود أن العزير هو ابن الله، لذا فهو جزء من ذلك الإله الأب الذي هو قيّوم السموات والأرض:
وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30)
نتيجة مفتراة: قارن – والكلام هنا موجه على وجه التحديد للأخ عصام درويش في أرض مصر- بين اللفظين (يونس :: عزير)
الدليل
نحن نظن أننا نستطيع أن نقدم جملة من الافتراءات التي ربما تشكل جميعها الدليل على صحة هذا الظن
أولا، يونس هو صاحب الحوت، أليس كذلك؟
السؤال: ما معنى أن يكون يونس هو صاحب الحوت؟
رأينا: نحن نظن أن صاحب المكان هو الذي يسكن فيه، كما في حالة أصحاب القرية:
وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ (13)
أو أصحاب السفينة:
فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ (15)
أو أصحاب الكهف:
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (9)
نتيجة مفتراة: صاحب المكان هو الذي يسكن فيه ويستطيع أن يخرج ويدخل فيه متى شاء.
السؤال: إن صح ما تقول، فهل ينطبق ذلك على أصحاب الجنة أو أصحاب النار؟
أصحاب الجنة: وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (82)
أصحاب النار: وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)
رأينا المفترى: نعم، ينطبق ذلك على أصحاب الجنة وأصحاب النار، فهم يستطيعون أن يدخلوا فيها ويخرجوا منها متى شاءوا لولا شيء واحد فقط وهو أنهم خالدين فيهما. وانظر عزيزي القارئ – إن شئت- في الآيات السابقة نفسها الخاصة بأصحاب الجنة وأصحاب النار، لتجد أنها تبعت على الفور بعبارة (هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
السؤال: ما معنى أن أصحاب الجنة أو أصحاب النار خالدين فيهما؟
رأينا المفترى والخطير جدا جدا: نحن نظن أن عبارة خَالِدِينَ فِيهَا التي تلتصق بأصحاب الجنة وأصحاب النار على الدوام لا تدل (نحن نفتري القول) على أن التواجد فيها إلى ما لا نهاية كما يظن كثير من الناس، ولكنها تعني – برأينا- التواجد الدائم فيها فلا يخرجون منها إلى مكان آخر. فوجود الإنسان في الجنة على شاكلة الخلود تعني أنه لا يتركها ويخرج منها إلى مكان آخر، وكذلك هي الحال بالنسبة لأصحاب النار.
نتيجة مفتراة: نحن نفتري القول أن عبارة خَالِدِينَ فِيهَا لا علاقة لها بالزمن ولكنها مرتبطة فقط بالمكان.
والدليل الذي نسوقه على صحة ما نقول يأتي من الآيات القرآنية الخاصة بأصحاب الجنة وأصحاب النار التي تنقسم بشكل لا لبس فيه إلا قسمين اثنين: قسم خالد فيها، وقسم خالد فيها أبدا.
القسم الأول: خالدين فيها
خَالِدِينَ فِيهَا ۖ لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ (162)
قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَٰلِكُمْ ۚ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15)
خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ (88)
أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ 136
لَٰكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۗ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ لِّلْأَبْرَارِ (198)
تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13)
فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (85)
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الْإِنسِ ۖ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الْإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا ۚ قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128)
وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ هِيَ حَسْبُهُمْ ۚ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ (68)
وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)
أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89)
خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ (107)
وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۖ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108)
وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ۖ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (23)
فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29)
خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108)
جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ مَن تَزَكَّىٰ (76)
خَالِدِينَ فِيهَا ۚ حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76)
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58)
خَالِدِينَ فِيهَا ۖ وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9)
قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72)ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76)
أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (14)
لِّيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا (5)
يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)
لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)
فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (17)
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (10)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6)
القسم الثاني: خالدين فيها أبدا
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا (57)
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا ۚ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا (122)
إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (169)
قَالَ اللَّهُ هَٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ۚ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (22)
وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ لَّا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (65)
يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9)
رَّسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (11)
إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ ۚ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23)
جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)
السؤال: ما الفرق بين من يخلد في المكان من جهة ومن يخلد فيه أبدا من جهة أخرى؟
رأينا المفترى 1: نحن نظن أن الذي يخلد في المكان هو من كان صاحبه فلا يغادره إلى مكان آخر كأصحاب الجنة وأصحاب النار اللذين هم خالدين فيهما.
رأينا المفترى 2: نحن نظن أن الذي يخلد في المكان أبدا هو من كان صاحبه فلا يغادره إلى مكان آخر كأصحاب الجنة وأصحاب النار، وعلاوة على ذلك يكون ذلك إلى ما لانهاية إلا ما شاء ربك. فمفردة أبدا هي - نحن نظن- ما تحمل معنى الديمومة الزمانية، ولكن مفردة الخلد هي ما تعني المكوث في مكان فلا تغادره إلى مكان آخر، أي الديمومة المكانية.
نتيجة مفتراة: نحن نظن أن عبارة خَالِدِينَ فِيهَا هي مكانية، لذا فمن يخلد في مكان ما فهو لا يغادره
نتيجة مفتراة 2: نحن نظن أن مفردة أَبَدًا هي زمانية، لذا فالذي يخلد أبدا فهو الذي يستمر وجوده فيه
السؤال: ما علاقة ذلك بمفردة أصحاب؟
جواب مفترى: نحن نظن أن هناك فرقا جوهريا بين من كان صاحب مكان يستطيع أن يدخل ويخرج منه متى شاء كأصحاب القرية وأصحاب السفينة وأصحاب الكهف مثلا:
وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ (13)
فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ (15)
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (9)
ومن كان صاحب المكان ولا يغادره إلى غيره كأصحاب الجنة وأصحاب النار وذلك لأنهم خالدين فيها:
قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَٰلِكُمْ ۚ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15)
قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72)
وهذا ما نجده – نحن نظن- في الآية الكريمة التالية:
يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ (37)
وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)
فالخروج الذي يطلبونه هنا هو خروج مؤقت، ولكن لا يستطيع أصحاب النار أن يخرجوا من النار حتى ليوم واحدا:
وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ (49)
نتيجة مفتراة: لو كان أصحاب النار يستطيعون أن يأخذوا قسطا من الراحة حتى ليوم واحد، ولو كانوا يستطيعون الخروج منها إلى مكان آخر حتى لفترة قصيرة لما كانوا خالدين فيها. ولكانوا أصحاب النار وكفى. أما ما دام أنهم أصحاب النار خالدين فيها فهم ماكثون فيها لا ينتقلون إلى مكان غيرها حتى لو شاءوا ذلك، فليس هناك مكان آخر يؤون إليه إلا النار. وما كان من أصحاب النار خالدا فيها أبدا، فهو الذي لا يغادرها إلى مكان آخر ويكون ذلك على سبيل الدوام. وكذلك هي الحال بالنسبة لأصحاب الجنة اللذين هم خالدون فيها.
والآن قارن - عزيزي القارئ الكريم- حال أصحاب الجنة اللذين هم خالدون فيها من أصحاب الجنة اللذين جاء ذكرهم في الآية الكريمة التالية:
إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20) فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ (21) أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ (22) فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23) أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ (24) وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (25) فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26)
فأصحاب هذه الجنة لم يكونوا خالدين فيها وذلك لأنها جنة يمكن لهم أن يدخلوها ويخرجوا منها متى شاءوا، فهي إذن ليست جنة خلد.
السؤال: هل أصحاب السفينة خالدين فيها. وهل أصحاب القرية خالدين فيها؟ وهل أصحاب الكهف خالدين فيه؟
جواب مفترى: كلا وألف كلا، وذلك لأنهم يستطيعون الدخول في تلك الأماكن والخروج منها حسب مشيئتهم. فالفتية مثلا أووا إلى الكهف، فأصبحوا أصحابه:
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10)
ولكنهم كانوا يستطيعون الخروج منه إن هم شاءوا ذلك، فبعد أن لبثوا في الكهف فترة من الزمن، اتخذوا قرارهم بأن يبعثوا أحدهم من هناك إلى المدينة:
وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19)
السؤال: ماذا عن صاحب الحوت؟
رأينا المفترى: نحن نظن أن صاحب الحوت هو الذي دخل فترة في لحظة ما في الحوت (ربما كما دخل الفتية في الكهف)، ومكث فيه فترة من الزمن (بغض النظر عن طول الفترة الزمنية)، ثم استطاع أن يخرج منه.
تبعات هذا الظن
افتراء خطير جدا جدا: نحن نظن أن صاحب الحوت (كأصحاب السفينة أو كأصحاب الكهف أو كأصحاب القرية) فإنه كان يستطيع أن يدخل في الحوت ويخرج منه على سبيل المشيئة. وهو لا شك لم يكن خالدا فيه، لذا كان هناك فسحة من المكان أن يتنقل من داخل الحوت إلى خارجه والعودة فيه مرة أخرى متى شاء.
افتراء خطير جدا جدا: أصبح بطن ذلك الحوت هو مكان سكن هذا الرجل (يونس)، فهو صاحب الحوت، ويمكن تشبيه ذلك بصاحب الدار مثلا، فمن كان منّا صاحب دار، فهو يستطيع أن يدخل في داره أو أن يخرج منها حسب حاجته. وهكذا (نحن نتخيل) أصبح صاحب الحوت (يونس).
تخيلات مفتراة خطيرة جدا جدا: بعد أن دخل يونس في بطن الحوت، أصبح هو صاحبه، ولكنه لم يكن يوما خالدا فيه، لذا كان يونس قادرا على التنقل بين بطن الحوت وخارجه. فقد أصبح بطن ذلك الحوت هو المكان الذي يؤوي إليه يونس لينشر له ربه من رحمته، ويمكن تشبيه ذلك بما كان من أمر الفتية اللذين أووا إلى الكهف فأصبحوا هم أصحابه.
تساؤلات
- لماذا سكن يونس في بطن الحوت؟
- كيف استطاع يونس أن يمكث في بطن الحوت؟
- كيف يستطيع يونس أن يدخل في بطن ذلك الحوت ويخرج منه؟
- ما علاقة هذا بالحوت الذي جاء موسى مع فتاه إليه؟
- ما علاقة يونس بقصة ذلك الرجل الذي وجده موسى عن تلك الصخرة؟
- كيف وصل الرجل إلى تلك الصخرة؟
- ما سر علم هذا الرجل؟
- من أين حصل على ذلك العلم؟
- إلى أين كان يريد أن يأخذ موسى؟
- لماذا لم يصبر موسى معه؟
- من أين تعلم هذا الرجل كل ذلك الصبر؟
- ولما كان صابرا جدا؟
- أين ذهب ذلك الحوت في قصة موسى مع صاحبه؟
السؤال الكبير جدا: ما سر ذلك الحوت؟
هذا ما سنتابع الحديث فيه في الجزء القادم من هذه المقالة بحول الله وتوفيق منه. فالله وحده أسأل أن يعلمني ما لا ينبغي لغيري، وأن يزدني علما وأن يهديني لأقرب من هذا رشدا. وأعوذ به أن أفتري عليه الكذب أو أن أقول عليه ما ليس لي بحق، إنه هو السميع العليم – آمين
المدّكرون: رشيد سليم الجراح علي محمود سالم
د. علي فكري أ. خالد فكري
بقلم: د. رشيد سليم الجراح
7 شباط 2015
الجزء الثامن لجزء العاشر